له : أقبل فأقبل ، ثمّ قال له أدبر فأدبر ، ثمّ قال : وعزّتي وجلالي ما خلقت خلقاً هو أحبّ إليّ منك ولا أكملتك إلاّفيمن أُحبّ ، اما أنّي إيّاك آمر وإيّاك أنهى وإيّاك اعاقب وإيّاك اثيب » (١).
أضف إلى ذلك لحن خطابات القرآن ، حيث إنّها متوجّهة إلى اولي الألباب وقوم يعقلون ويتفكّرون ، وهذا ينافي عدم حجّية العقل كما لا يخفى ، ولا أقلّ فيها من التأييد للمراد.
الثاني : الأخبار التي استدلّ فيها الأئمّة عليهمالسلام بوجوه عقليّة كما يظهر لمن تتبّع فيها.
الثالث : اتّفاق الاصوليين والأخباريين على العمل بالأدلّة العقليّة في كلماتهم فمن راجع كلمات الأخباريين كصاحب الحدائق يجد صدق ما ذكرناه.
الرابع : عدم الخلاف في حجّيته في اصول الدين وهو يستلزم الحجّية في الفروع بالأولوية القطعيّة.
هذا تمام الكلام في العلم التفصيلي.
كان البحث إلى هنا في العلم التفصيلي ، ونبحث الآن في العلم الإجمالي وأنّه ما هو حكمه؟ فهل يترتّب عليه جميع آثار العلم التفصيلي أو لا؟ وبعبارة اخرى : كان العلم التفصيلي حجّة في مقامين ، مقام التنجّز ومقام الامتثال ، فيقع البحث في العلم الإجمالي أيضاً في مقامين :
الأوّل : في إثبات التكليف وتنجّزه به ، فهل يجب موافقته ويحرم مخالفته قطعاً أو احتمالاً ، أو لا؟
والثاني : في أنّه هل يجوز الاكتفاء به في مقام الامتثال وإسقاط التكليف كما إذا صلّى الإنسان إلى أربع جهات مع كونه قادراً على تعيين القبلة تفصيلاً؟
ولا بدّ قبل الورود في البحث من الإشارة إلى نكتة ، وهي أنّه لماذا يبحث عن العلم الإجمالي في موضعين من الاصول : مباحث القطع ، ومبحث الاشتغال؟
ذهب المحقّق الخراساني رحمهالله في مقام بيان الفارق بين المقامين إلى أنّ البحث هنا بحث عن
__________________
(١) اصول الكافي : كتاب العقل والجهل ، ح ١.