المقام الثاني في مباحث الظنّ
( حجّية الأمارات الظنّية )
وقبل الدخول في هذا البحث لابدّ من رسم امور ثلاثة :
الأمر الأول : أنّ الظنّ وبتعبير آخر : أنّ الأمارات الظنّية ليست بحجّة ذاتاً ، أي ليست الحجّية من لوازمها الذاتيّة كما في القطع ( مع قطع النظر عمّا مرّ منّا في مبحث القطع من أنّه لا معنى لحجّية القطع بمعنى كونه طريقاً إلى الواقع بل هو نفس النظر إلى الواقع ومشاهدته والإحاطة به ).
الأمر الثاني : أنّه يمكن التعبّد بها وجعلها حجّة.
الأمر الثالث : في تأسيس الأصل في المسألة ، فهل الأصل فيها أنّ جميع الأمارات الظنّية حجّة إلاّما خرج بالدليل أو العكس ، أي ليس شيء منها بحجّة إلاّما ثبت خروجه بالدليل؟
وبعبارة اخرى : هل يكون إثبات الحجّية وإقامة الدليل عليها على عهدة المنكر للحجّية أو على عهدة المثبت المدّعى لها؟ فإن كان الأصل هو الأوّل فلا بدّ للمنكر إقامة الدليل وهو مدّعٍ في الواقع ، وإن كان هو الثاني فعلى المثبت.
ولا يخفى أنّ البحث في الأمرين الأوّلين بحث في مقام الثبوت ، وفي الأخير بحث في مقام الإثبات.
فاستدلّ له :
أوّلاً : بإجماع العقلاء واتّفاقهم على أنّ الظنّ ليس بحجّة ذاتاً بل لابدّ من جعلها بيد جاعل كجعل الحجّية لخبر الواحد ، أو من حصول مقدّمات توجب الحجّية له إمّا عقلاً بناءً على تماميّة