سقوط الإطلاقين من ناحية المعارضة ، فتكون النتيجة هي نتيجة العطف بـ « أو » على عكس ما أفاده شيخنا الاستاذ رحمهالله » (١).
أقول : إنّ ما أفاده من تقييد الإطلاق المزبور بما إذا لم يخف الأذان والجدران معاً مبنيّ على كون حدّ الترخّص حدّاً تعبّديّاً من جانب الشارع مع أنّه قد ثبت في محلّه أنّه أمر عرفي ، وحيث إن العرف لا يحكم بصدق عنوان المسافر في هذه الصورة فلا يجب عليه القصر بل صدق عنوان المسافر في صورة خفاء أحد الأمرين أيضاً ليس محرزاً ، وحينئذٍ لا يحرز تحقّق موضوع دليل « المسافر يقصّر » فتصل النوبة إلى الأصل العملي لا اللفظي ، والمسألة بعدُ محتاجة إلى مزيد تأمّل ( اللهمّ إلاّ أن يقال : إنّ هذا مناقشة في المثال ).
التنبيه الثاني : أنّ الموجود في الجوامع الروائيّة بالنسبة إلى خفاء الجدران إنّما هو « إذا توارى المسافر من الجدران والبيوت يقصّر » وأمّا التعبير الشائع في كلمات الفقهاء بأنّه « إذا خفى الجدران فقصّر » فلم يرد في نصوص الباب ، وحينئذٍ يكون موضوع قصر الصّلاة هو خفاء المسافر عن الجدران لا خفاء الجدران عن المسافر ، ولعلّه المناسب أيضاً للاعتبار العرفي لأنّه يحكم بالسفر ويقال : « بأنّ فلاناً سافر » بعد أن بَعُد عن الأنظار وخفي عنها ، فالذي يخفى إنّما هو شخص المسافر ومن يشاهده عند الجدران لا الجدران نفسها ، ولا ملازمة بين خفاء شخص المسافر وخفاء الجدران كما توهّم ، لأنّ خفاء المسافر يتحقّق غالباً قبل خفاء الجدران كما لا يخفى ، ( ويمكن الإيراد عليه بأنّ هذا أيضاً مناقشة في مثال خاصّ ).
وقد عنون في الكلمات بتعبير آخر أيضاً وهو : « إذا تعدّد الشرط واتّحد الجزاء فهل يجب تكرار الجزاء أو لا؟ فإذا قال الشارع المقدّس : « إن مَسَسْتَ الميّت فاغتسل » و « إن أجنبت فاغتسل » فهل يجب الإتيان بالغسل مرّتين أو يكفي غسل واحد؟
ثمّ إنّ النزاع هذا ليس مبتنياً على القول بمفهوم الشرط كما هو الظاهر من كلمات المحقّق
__________________
(١) المحاضرات : ج ٥ ، ص ١٠٤ ـ ١٠٥.