إلى غير ذلك من الرّوايات الشاذّة التي لا يقام لها وزن عندنا وعندهم ، وأمّا العذر بأنّ ذلك من قبيل نسخ التلاوة فسيأتي عدم صحّته فانتظر.
فقال بعض بأنّه جمع على عهد أبي بكر ، وقال بعض آخر أنّه جمع على عهد عمر ، وجماعة كثيرة يقولون بأنّه جمع في زمن عثمان.
وهيهنا قول رابع وهو أنّ القرآن جمع على عهد رسول الله صلىاللهعليهوآله ولم يقبض رسول الله صلىاللهعليهوآله إلاّ بعد أن جمع تمامه ، وأمّا عثمان فهو إنّما نظّم القراءات المختلفة وجمع المسلمين على قراءة واحدة وهي القراءة التي كانت مشهورة بين المسلمين التي تلقّوها عن النبي صلىاللهعليهوآله وأنّه منع عن القراءات الاخرى المبتنية على أحاديث نزول القرآن على سبعة أحرف ، وأمّا نسبة بعضهم الجمع إلى أبي بكر وبعضهم الآخر إلى عمر وبعضهم الثالث إلى عثمان فلعلّ ذلك من حرص بعض الناس على تكثير مناقبهم وإلاّ فلا دليل يعتدّ به عليه.
وينبغي هنا ذكر ما نقله الطبرسي رحمهالله في مقدّمة المجمع عن السيّد المرتضى رحمهالله في هذا المجال : « إنّ القرآن كان يدرس ويحفظ جميعه في ذلك الزمان حتّى عيّن على جماعة من الصحابة في حفظهم له وإن كان يعرض على النبي صلىاللهعليهوآله ويتلى عليه ، وإنّ جماعة من الصحابة مثل عبدالله بن مسعود وابيّ بن كعب وغيرهما ختموا القرآن على النبي صلىاللهعليهوآله عدّة ختمات وكلّ ذلك يدلّ بأدنى تأمّل على أنّه كان مجموعاً مرتّباً غير مبتور ولا مبثوث » (١).
ويدلّ على صدق هذه الدعوى شواهد كثيرة :
منها : قضيّة كتّاب الوحي وشدّة إهتمام النبي صلىاللهعليهوآله بكتابة القرآن ، وقد نقل أنّه كان عنده لهذه المهمّة كتّاب كثيرون ، والرّوايات في عددهم مختلفة من أربعة عشر كاتباً إلى ثلاثة وأربعين ، قال في تاريخ القرآن (٢) : « كان للنبي صلىاللهعليهوآله كتّاب يكتبون الوحي وهم ثلاثة وأربعون أشهرهم الخلفاء الأربعة وكان ألزمهم للنبي زيد بن ثابت وعلي بن أبي طالب » وهذا يوجب عادةً أن يكون القرآن مجموعاً على عهده صلىاللهعليهوآله.
__________________
(١) مقدّمة المجمع : ص ١٥.
(٢) لأبي عبدالله الزنجاني.