القضيّة الشرطيّة في الانحلال وتعدّد الطلب ، أو فرض تعدّد القضيّة الشرطيّة في نفسها كان ظهور القضيّة في تعدّد الحكم لكونه لفظيّاً مقدّماً على ظهور الجزاء في وحدة الطلب لو سلّمنا ظهوره فيها ويكون مقتضى القاعدة عدم التداخل (١).
أقول : يرد عليه أنّ روح كلامه هذا يرجع في الحقيقة إلى ما مرّ كراراً من أنّ لموضوع الحكم نوع علّية للحكم ، فيقع النزاع في أنّ هذه العلّية هل هي فعليّة أو اقتضائيّة ، وقد اخترنا أنّها ظاهرة في الاقتضاء ، ولا أقلّ من عدم ظهورها في الفعليّة أو الشكّ فيها فتصل النوبة إلى الأصل العملي ، ولا يخفى أنّه بالنسبة إلى تداخل الأسباب ( الذي هو مورد النزاع في المقام ) هو البراءة عن الزائد على الواحد ، ونتيجتها التداخل كما لا يخفى.
ثانيهما : ما نسب إلى العلاّمة رحمهالله في المختلف ، وحاصله إنّه إذا تعاقب السببان أو إقترنا فإمّا أن يقتضيا مسبّبين مستقلّين أو مسبّباً واحداً ، أو لا يقتضيان شيئاً أو يقتضي أحدهما دون الآخر ، والثلاثة الأخيرة باطلة فيتعيّن الأوّل ، ومقتضاه عدم التداخل.
ويرد عليه : أنّ روح هذا الوجه أيضاً يعود إلى ما سبق من كون السبب سبباً فعليّاً فالجواب هو الجواب.
هذا ـ مضافاً إلى أنّ الصور رباعيّة فيما إذا تحقّق الشرطان في زمانين مختلفين ، وإمّا إذا تحقّقا في آنٍ واحد ففيه احتمال خامس غير ما ذكر ، وهو أن يكون المؤثّر والسبب الحقيقي هو القدر الجامع بين السببين ، وهو صرف الوجود من الشرط الذي قد يتحقّق ضمن مصداق واحد ، وقد يتحقّق ضمن المصاديق المتعدّدة التي تحقّقت في الخارج في آنٍ واحد ، ولا يخفى أنّ لازمه أيضاً التداخل.
هذا كلّه في الوجوه التي استدلّ بها على عدم التداخل.
وقد ظهر ممّا ذكرنا إلى هنا ما يثبت به المختار ( أي القول بالتداخل ) وهو أنّه لا شكّ في ظهور القضيّة الشرطيّة في الحدوث عند الحدوث ، فإن قلنا بكونه في حدّ الاقتضاء ، أي القضيّة الشرطيّة ظاهرة في اقتضاء الشرط حدوث الجزاء إذا لم يكن هناك مانع ، ولم يكن المحلّ مشغولاً بالمثل فهو المطلوب والمختار ، وتكون النتيجة التداخل ، وإن قلنا بأنّها ظاهرة في
__________________
(١) راجع أجود التقريرات : ج ١ ، ص ٤٢٩ ـ ٤٣٠.