الشيعة فالإجماع عندهم حجّة بالعرض ، أي بما هو كاشف عن قول المعصوم أو مشتمل عليه ، فهو بحسب الحقيقة يرجع إلى السنّة وليس دليلاً على حدة ، فالأدلّة عندنا في الواقع ثلاثة لا أربعة.
وتنبغي الإشارة أيضاً إلى معنى الإجماع لغة واصطلاحاً فنقول : أمّا لغة فهو بمعنى الاتّفاق ، وأمّا في مصطلح الاصوليين فهو اتّفاق مخصوص.
وقد اختلف العامّة في تحديد الإجماع وتعريفه على أقوال : فقال بعضهم أنّه اتّفاق امّة محمّد صلىاللهعليهوآله على أمر من الامور الدينيّة ، وقال بعض آخر أنّه اتّفاق أهل الحلّ والعقد من امّة محمّد صلىاللهعليهوآله وثالث : أنّه اتّفاق المجتهدين من امّة محمّد صلىاللهعليهوآله في عصر على أمر ، ورابع : أنّه اتّفاق أهل المدينة ، وخامس : أنّه اتّفاق أهل الحرمين ، بل يظهر من بعضهم أنّه اتّفاق الشيخين أو الخلفاء الأربعة.
وأمّا الشيعة فهو عندهم على أربعة أنواع : الدخولي ( التضمّني ) والحدسي والتشرّفي واللطفي ، ولكلّ تعريف يخصّه سيأتي عند البحث عن كلّ واحد منها.
وقد استدلّ العامّة على حجّية الإجماع بالأدلّة الثلاثة : الكتاب والسنّة والعقل.
أمّا الكتاب فاستدلّوا منه بآيات عديدة : الأهمّ منها قوله تعالى : ( وَمَنْ يُشَاقِقْ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً ) (١) ( الشقاق بمعنى العداوة ).
تقريب دلالتها : أنّ الله تعالى جمع بين مشاقّة الرسول صلىاللهعليهوآله واتّباع غير سبيل المؤمنين في الوعيد ، فيلزم أن يكون اتّباع غير سبيل المؤمنين محرّماً مثل مشاقّة الرسول ، وإذا حرم اتّباع غير سبيل المؤمنين وجبّ اتّباع سبيلهم إذ لا ثالث لهما ، ويلزم من اتّباع سبيلهم أن يكون الإجماع حجّة لأنّ سبيل الإنسان هو ما يختاره من القول أو الفعل أو الاعتقاد.
ولكن الإنصاف أنّ هذه الآية لا ربط لها بمسألة الإجماع في الأحكام الفرعيّة ، بل إنّها تنهى
__________________
(١) سورة النساء : الآية ١١٥.