فحجّ » فإنّها بمنزلة قيد لموضوع وجوب الحجّ كما لا يخفى.
وعلى هذا فليست القضايا الشرطيّة الواردة في لسان الأدلّة مؤثّرات ولا معرفات ، والظاهر أنّ فخر المحقّقين رحمهالله قاس العلل الشرعيّة بالعلل التكوينيّة ، وهو قياس مع الفارق حيث إنّ علّة الحكم الاعتباري هو إرادة المعتبر لا غير.
وبما ذكرنا يظهر ضعف ما أفاده المحقّق الخراساني رحمهالله من أنّ حال الأسباب الشرعيّة حال أسباب الأحكام العرفيّة في أنّها معرفات تارةً مؤثّرات اخرى فتدبّر.
نعم هيهنا نوع آخر من التعليل في لسان الشارع لا يؤتى به على نهج القضيّة الشرطيّة ، بل إنّما يؤتى به بلام العلّة ، نحو « لا تشرب الخمر لأنّه مسكر » فإنّ العلّة في هذا القسم مع رجوعه إلى قيود الموضوع أيضاً يمكن أن تكون إشارة إلى المصالح والمفاسد الترتّبة على متعلّق الحكم ، ولكنّه أيضاً لا ربط له بقضيّة المؤثّرات أو المعرفات لما عرفت من أنّ المؤثّر هو إرادة المولى.
هذا كلّه بالنسبة إلى ما أوردناه على المبنى ، وأمّا ما أوردناه على البناء فتوضيحه إنّا سلّمنا ظهور الأسباب والشرائط في كونها مؤثّرات وفي الحدوث عند الحدوث ، ولكنّه ـ كما مرّ ـ يعارض ظهور الجزاء في الوحدة ، فيجب ملاحظة أقوى الظهورين في صورة إقوائيّة أحدهما ثمّ الرجوع إلى الاصول العمليّة على فرض تساويهما وتساقطهما بعد التعارض فتأمّل.
التنبيه الثاني : ما أفاده في تهذيب الاصول فإنّه بعد نقل ما مرّ من كلام العلاّمة رحمهالله في المختلف وذكر ما أفاده الشيخ الأعظم رحمهالله في ذيل كلام العلاّمة رحمهالله من أنّ الاستدلال المذكور ينحلّ في مقدّمات ثلاث ( إحداها دعوى تأثير السبب الثاني بمعنى كون كلّ واحد من الشرطين مؤثّراً في الجزاء ، ثانيتها أنّ أثر كلّ شرط غير أثر الآخر ، وثالثتها أنّ ظاهر التأثير هو تعدّد الوجود لا تأكّد المطلوب ) وذكر ما ذكر في توجيه المقدّمة الاولى ـ قال ما إليك نصّ كلامه : « الإنصاف أنّ أصحاب القول بعدم التداخل وإن كان مقالتهم حقّة إلاّ أنّ ذلك لا يصحّ إثباته بالقواعد الصناعيّة ، ولا بدّ من التمسّك بأمر آخر ، وقد نبّه بذلك المحقّق الخراساني رحمهالله في هامش كفايته ، وهو أنّ العرف لا يشكّ بعد الاطّلاع على تعدّد القضيّة الشرطيّة في إنّ ظهور كلّ قضيّة هو وجوب فرد غير ما وجب في الاخرى كما إذا اتّصلت القضايا ، وكانت في كلام واحد ، ولعلّ منشأ فهم العرف وعلّة استيناسه هو ملاحظة العلل الخارجيّة ، إذ العلل الخارجيّة بمرأى ومسمع منه حيث يرى أنّ كلّ علّة إنّما تؤثّر في غير ما أثّر فيه الآخر ، وهذه