حجّية مثل هذا التواتر؟ وهل يجري فيه القياس المتقدّم في الإجماع المنقول المتشكّل من صغرى وكبرى؟
لابدّ لتحقيق المسألة من الرجوع إلى ماهيّة الخبر المتواتر وأنّه ما هو؟ وقد ذكر له تعريفان :
وإستشكل عليه بأنّه لا يوجد خبر يفيد بنفسه العلم بل يدخل في حصول العلم امور أربعة : نوع الخبر ( المخبر به ) ، حال المخبرين ، حالة المخبر له وكيفية الإخبار ( مثل كون الخبر مكتوباً في كتاب مطبوع أو مخطوط معتبر وعدمه ) وإلاّ لابدّ من اعتبار عدد خاصّ في التواتر مع أنّه ممّا لم يقل به أحد.
ولذلك ذكر بعض من ذهب إلى هذا التعريف هذا القيد فيه : « إلاّ القرائن الملازمة للخبر » ومراده منها هذه الامور الأربعة ، فيكون المراد من القرائن الخارجيّة حينئذٍ شيئاً غيرها ، كاعتضاد مضمون الخبر بخبر ظنّي آخر أو دليل عقلي كذلك.
وقد اورد على هذا التعريف أيضاً أوّلاً : بأنّه لا ينفي احتمال الخطأ فلا بدّ تقييد ذيله بهذا القيد : « ويحصل من قولهم العلم ».
وثانياً : بأنّه ما المراد من التواطؤ؟ فإن كان المقصود منه التوافق على أمر فلا وجه لاعتباره لإمكان كذب كلّ واحد من المخبرين على حدة ومستقلاً بدواع شتّى أو كانوا بداعٍ واحدٍ على نشر اكذوبة خاصّة من غير التواطؤ.
فالصحيح في التعريف أن يقال : « إنّه خبر جماعة كثيرة يؤمن اجتماعهم على الكذب والخطأ عادةً » والتقييد بقيد « كثيرة » لازم لأنّه لو حصل القطع مثلاً من اجتماع ثلاثة أفراد على خبر لا يقال أنّه متواتر في مصطلحهم بل إنّه خبر واحد محفوف بقرائن قطعية أو مستفيض.
وإذا كان هذا هو معنى الخبر المتواتر فإنّه يختلف بحسب الأشخاص ، فيمكن أن يكون خبر متواتراً عند شخص وغير متواتر عند شخص آخر.
وعليه بمتا أنّ التواتر المنقول من حيث المسبّب لا يكون مشمولاً لأدلّة حجّية خبر الواحد