الأصحاب يرجعون إليها عند اعوزاز النصوص ، ثمّ انتهى الأمر في المرحلة الخامسة إلى التفريعات وتطبيق الاصول والقواعد على الفروع والموضوعات الجديدة والمصاديق المستحدثة.
وحينئذٍ لو تحقّقت شهرة الأصحاب قبل المرحلة الخامسة على مسألة فحيث إنّهم كانوا متعبّدون بالعمل بمتون الأخبار ، ولم يكن لهم تفريع واستنباط من عند أنفسهم يحصل الوثوق والاطمئنان بقول المعصوم عليهالسلام أو وجود دليل معتبر ، وتكون هذه الشهرة بنفسها كاشفة عن الحكم ، بخلاف الشهرة عند المتأخّرين لكونها مبنية على آرائهم الشخصية من دون أن يكون معقدها متلّقاة من كلمات المعصومين وألفاظ الرّوايات ، فتكون الشهرة عند القدماء حينئذٍ كالإجماع الحدسي وكاشفة عن قول الإمام عليهالسلام أو مدرك معتبر كشفاً قطعيّاً ، بل هي ترجع في الواقع إلى الإجماع الحدسي وتكون من مصاديقه لعدم اشتراط إجماع الكلّ فيه ، وعندئذٍ يخرج عن محلّ النزاع لأنّ البحث كان في الشهرة الفتوائيّة الظنّية.
بقي هنا شيء :
قد مرّ في أوّل البحث أنّ الشهرة على ثلاثة أقسام : الشهرة الفتوائيّة والشهرة الروائيّة والشهرة العمليّة ، ومرّ أيضاً تعريف كلّ واحدة منها ، ولكن وقع البحث بين الأعلام في أنّ وقوع الشهرة العمليّة على وفق رواية ضعيفة هل يوجب جبر ضعفها أو لا؟ فذهب الأكثر إلى كونها جابرة ، وخالف بعض الأعلام وإستشكل في المسألة كبرى وصغرى ، وحاصل كلامه في مصباح الاصول : « أنّ الخبر الضعيف لا يكون حجّة في نفسه كما هو المفروض وكذلك فتوى المشهور غير حجّة على الفرض أيضاً ، وانضمام غير الحجّة إلى غير الحجّة لا يوجب الحجّية فإنّ انضمام العدم إلى العدم لا ينتج إلاّ العدم ، ودعوى : أنّ عمل المشهور بخبر ضعيف توثيق عملي للمخبر به فيثبت به كونه ثقة ، فيدخل في موضوع الحجّية ، مدفوعة : بأنّ العمل مجمل لا يعلم وجهه فيحتمل أن يكون عملهم به لما ظهر لهم من صدق الخبر ومطابقته للواقع بحسب نظرهم واجتهادهم ، لا لكون المخبر ثقة عندهم ، فالعمل بخبر ضعيف لا يدلّ على توثيق المخبر به ، ولا سيّما أنّهم لم يعملوا بخبر آخر لنفس هذا المخبر ، وأمّا آية النبأ فالاستدلال بها أيضاً غير