فاستدلّوا منه بآيات :
قال الله تعالى : ( إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ) (١).
قال الطبرسي رحمهالله في مجمع البيان : « قوله « إن جاءكم فاسق » نزل في الوليد بن عقبة بن أبي معيط بعثه رسول الله صلىاللهعليهوآله في صدقات بني المصطلق فخرجوا يتلقّونه فرحاً به وكانت بينهم عداوه في الجاهلية فظنّ أنّهم همّوا بقتله فرجع إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله وقال إنّهم منعوا صدقاتهم ، وكان الأمر بخلافه ، فغضب النبي صلىاللهعليهوآله وهمّ أن يغزوهم فنزلت الآية » (٢).
ثمّ قال : « عن ابن عبّاس ومجاهد وقتادة » ثمّ ذكر قولاً آخر في شأن نزول الآية وهو لا يناسب مضمون الآية وكلمة القوم المذكورة فيها.
وقد إستشكل بعض العامّة في شأن النزول المذكور بأنّ الوليد آمن يوم فتح مكّة وكان صبيّاً.
ومن المحتمل جدّاً كون الخبر مجعولاً لتنزيه الوليد وتبرئته من ناحية بعض من له صلة بالخلفاء لكونه أخاً لعثمان من جانب الامّ.
إن قلت : فكيف أرسله الرسول صلىاللهعليهوآله لأخذ الزكوات مع أنّه كان فاسقاً؟
قلنا : لعلّ الوليد كان ظاهر الصلاح وكان فسقه أمراً مخفيّاً مستتراً وكان الرسول صلىاللهعليهوآله أيضاً يعمل بحسب الظاهر ولم يكن بنائه على العمل بالغيب.
هذا مضافاً إلى أنّه يمكن أن يقال : إنّ معنى علمه صلىاللهعليهوآله وعلم الأئمّة عليهمالسلام بالغيب إنّهم « إذا شاؤوا أن يعلموا علموا » كما ورد في الحديث المشهور.
وأمّا الاستدلال بالآية فله ثلاثة وجوه : أحدها : الاستدلال بمفهوم الشرط ، والثاني : بمفهوم الوصف ، والثالث : بمناسبة الحكم والموضوع.
وقبل ذكر هذه الوجوه ونقدها نقول : لو اعطيت هذه الآية بيد العرف يفهم منها حجّية
__________________
(١) سورة الحجرات : الآية ٦.
(٢) مجمع البيان : ج ٩ ، ص ١٣٢.