٢ ـ الكلام في مفهوم الوصف
ولابدّ فيه من تنقيح محلّ النزاع قبل الخوض في أصل المسألة.
فنقول : قال المحقّق النائيني رحمهالله : « إنّ محلّ الكلام في المقام هو الوصف المعتمد على موصوفه ، وامّا غير المعتمد عليه فلا إشكال في عدم دلالته على المفهوم ، فهو حينئذٍ خارج عن محلّ النزاع ، إذ لو كان الوصف على إطلاقه ولو كان غير معتمد على الموصوف محلاً للنزاع لدخلت الجوامد في محلّ النزاع أيضاً ... إلى أن قال :
بل يمكن أن يقال : إنّ كون المبدأ الجوهري مناطاً للحكم بحيث يرتفع الحكم عند عدمه أولى من كون المبدأ العرضي مناطاً له ، فهو أولى بالدلالة على المفهوم من الوصف غير المعتمد » (١).
فحاصل كلامه أنّ الوصف غير المعتمد خارج عن محلّ النزاع لأنّه كاللقب ، بل اللقب أولى منه من هذه الجهة لأنّه حاكٍ عن الذات ، بينما الوصف غير المعتمد يحكي عن الصفة ، وكون الذات مناطاً للحكم بحيث ينتفي بانتفائها أولى من كون الوصف ( الذي يكون مبدأً عرضياً للحكم ) مناطاً له.
ولكن الإنصاف أنّ محلّ النزاع أعمّ كما صرّح به في تهذيب الاصول (٢) ، والشاهد على ذلك أنّ المثبت للمفهوم قد يتمسّك بأمثلة تكون من مصاديق الوصف غير المعتمد من دون أن يعترض عليه النافي للمفهوم بأنّها خارجة عن محلّ الكلام ، نظير التمسّك بفهم أبي عبيدة في قوله صلىاللهعليهوآله « مطل الغني ظلم » (٣) وقوله صلىاللهعليهوآله : « ليّ الواجد بالدين يحلّ عقوبته وعرضه » (٤) ونظير
__________________
(١) أجود التقريرات : ج ١ ، ص ٤٣٣ ـ ٤٣٤.
(٢) راجع تهذيب الاصول : ج ١ ، ص ٣٦٢ ، من طبع مهر.
(٣) المطل هو التأخير في أداء الدَين فإذا كان المديون غنيّاً وأخّر أداء دَينه فقد ظلم.
(٤) اللّي بمعنى التأخير في أداء الدَين ، فإذا كان المديون واجداً وأخّر أداء دَينه جازت عقوبته وتوبيخه.