وتقريره من وجوه :
الوجه الأوّل : العلم الإجمالي بصدور جملة كثيرة من الأخبار الموجودة في الكتب المعتبرة المشتملة على الأحكام الإلزاميّة الوافية بمعظم الفقه بحيث لو علم تفصيلاً ذاك المقدار لأنحلّ علمنا الإجمالي بثبوت التكاليف بين الرّوايات وسائر الأمارات إلى العلم التفصيلي بالتكاليف في مضامين الأخبار الصادرة المعتبرة والشكّ البدوي في ثبوت التكليف في مورد سائر الأمارات غير المعتبرة ، ولازم ذلك وجوب العمل على وفق جميع الأخبار المثبتة وجواز العمل على طبق النافيّة منها فيما إذا لم يكن في المسألة أصل مثبت للتكليف من قاعدة الاشتغال أو الاستصحاب.
ويرد على هذا الوجه :
أوّلاً : أنّ مقتضى هذا الوجه هو الأخذ بالأخبار احتياطاً لا حجّيتها بالخصوص وأنّ العلم الإجمالي يقتضي هذا المقدار من العمل ، ومن المعلوم أنّ الأخذ من باب الاحتياط يختلف عن الأخذ بها من باب الحجّية فإنّ الحجّة تخصّص وتقيّد وتقدّم على معارضها مع الرجحان وتوجب جواز إسناد الحكم إلى الشارع وجواز قصد الورود ، بخلاف الأخذ بها احتياطاً فإنّه لا يترتّب عليه هذه الآثار.
وثانياً : أنّه يقتضي حجّية أخبار الثقات وغير الثقات جميعاً مع أنّ المدّعى هو حجّية خبر الثقة فقط.
ولكن يمكن الجواب عن هذا الإشكال بأنّ هنا دائرتين من العلم الإجمالي الكبير والصغير ، وإذا ظفرنا بالمقدار المعلوم بالإجمال في الدائرة الصغيرة لأنحلّ العلم الإجمالي من دائرته الكبيرة إلى الدائرة الصغيرة ، نظير ما إذا علمنا إجمالاً بوجود شاة محرّمة في خصوص السود من الغنم ، وعلمنا أيضاً بوجود شاة محرّمة في مجموع القطيع من السود والبيض جميعاً ، فإذا عزلنا الشاة المحرّمة من السود تنحلّ دائرة العلم الإجمالي من مجموع القطيع إلى مقدار السود منها.
وقد يتوهّم انحلال هذا العلم الإجمالي الكبير بالعلم الإجمالي الصغير ، أي بالظفر على القدر المتيقّن والمعلوم بالإجمال في أخبار الثقات.