المعلوم بالإجمال ، والمقام ليس من هذا القبيل قطعاً.
ومعه لا تصل النوبة إلى ما أجاب به المحقّق الخراساني رحمهالله وحاصله : أنّ العلم الإجمالي في خصوص المقام لا ينحلّ بالاضطرار إلى بعض أطرافه لوجود الدليل الخاصّ على وجوب الاحتياط ، وتنجّز العلم الإجمالي أي الاحتياط هنا شرعي ، وقد عرفت آنفاً أنّ إهمال معظم الأحكام يوجب الخروج عن الدين ، وهو دليل عقلي لا شرعي.
أمّا المقدّمة الرابعة : وهي عدم جواز الرجوع إلى الوظائف المقرّرة للجاهل ( وهي ثلاثة : الرجوع إلى الاحتياط التامّ والرجوع إلى الاصول العمليّة الأربعة والتقليد عن المجتهد الانفتاحي ) :
فاستدلّ لها بالنسبة إلى عدم وجوب الاحتياط التامّ بوجهين : أحدهما : لزوم اختلال النظام ، ثانيهما : قاعدة نفي الحرج فإنّ أدلّة نفي العسر والحرج حاكمة على قاعدة الاحتياط.
امّا الوجه الأول : لكن لزوم اختلال النظام عندنا غير ثابت وإن تلقّوه بالقبول ، والظاهر أنّه وقع الخلط بين الشبهات الموضوعيّة والشبهات الحكميّة ، وما يوجب الاختلال في النظام إنّما هو الاحتياط التامّ في الشبهات الموضوعيّة ، وأمّا الشبهات الحكميّة ( التي هي محلّ البحث في المقام ) فحيث إنّ مواردها محدودة معدودة بالنسبة إلى الشبهات الموضوعيّة فلا يوجب الاحتياط التامّ فيها اختلال النظام ، ويشهد عليه وعلى إمكان الاحتياط عملاً في الخارج تصريح كثير منهم في مباحث الاجتهاد والتقليد على جواز الاحتياط التامّ للمكلّف من دون تقليد أو اجتهاد.
وأمّا الوجه الثاني : أي قاعدة نفي الحرج ، فيرد عليه : أنّ المرفوع في أدلّتها هو العسر الناشىء من نفس جعل الشارع وحكمه ، أي المنفي هو نفس الحكم الذي ينشأ منه الحرج مع أنّ العسر في ما نحن فيه ناشٍ من الاشتباه الخارجي وحكم العقل.
وقد وقعوا في الجواب عن هذا في حيص وبيص ، والأولى في مقام الدفع أن يقال : إنّ الحرج في المقام ينشأ على كلّ حال من ناحية التكليف الشرعي إذ لولاه لما حكم العقل بوجوب الاحتياط والجمع بين المحتملات ، كي يلزم منه العسر والحرج.
هذا ـ مضافاً إلى ما مرّت الإشارة إليه من أنّ الضرورات تتقدّر بقدرها فالعسر يوجب