الانسداد هي حجّية الظنّ في خصوص الاصول لابدّ حينئذٍ من الرجوع إلى سائر الوجوه.
الخامس : الأخذ بأقوى الظنّين لا سيّما إذا قلنا بأنّ نتيجة مقدّمات الانسداد جزئيّة من ناحية المراتب.
أقول : الحقّ في المسألة هو تقدّم الظنّ المانع وذلك باعتبار ما مرّ من عدم كون مقدّمات الانسداد علّة تامّة لحجّية الظنّ حتّى لا يمكن منع الشارع في مورد خاصّ بل إنّها مقتضية لها ، وحينئذٍ صحّ أن يقال : أنّه لا استقلال للعقل بحجّية ظنّ قد احتمل المنع عنه بالخصوص شرعاً فضلاً عمّا إذا ظنّ المنع عنه كذلك ، وذلك لعدم إحراز فقد المانع في هاتين الصورتين ، فلا بدّ حينئذٍ من الاقتصار على ظنّ نقطع بعدم المنع عنه بالخصوص ، فإن كفى بمعظم الفقه فهو ، وإلاّ فيضمّ إليه ما احتمل المنع عنه لا مظنون المنع.
نعم ، يمكن تقديم الظنّ الممنوع أيضاً فيما إذا كان موافقاً للاحتياط فيكون حينئذٍ مخيّراً بين الأخذ بكلّ واحد منهما.
لا فرق في نتيجة دليل الانسداد بين حصول الظنّ بالحكم الشرعي من أمارة عليه بلا واسطة كما إذا قامت الشهرة على وجوب شيء أو حرمته ، وبين حصول الظنّ بالحكم الشرعي من أمارة عليه مع الواسطة كالظنّ الحاصل من أمارة قامت على تفسير لفظ من ألفاظ الكتاب أو السنّة ( كما إذا قال اللغوي أنّ الصعيد هو مطلق وجه الأرض فأورث الظنّ في قوله تعالى : ( فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً ) بجواز التيمّم بالحجر مثلاً مع وجود التراب الخالص ) أو على وثاقة راوٍ ينقل الحكم عن الإمام المعصوم عليهالسلام فأورث الظنّ بذلك الحكم.
والوجه في عدم الفرق هو إطلاق حكم العقل بحجّية الظنّ حال الانسداد ، فلا فرق عنده بين ظنّ يوصلنا إلى الحكم الواقعي بلا واسطة أو مع الواسطة فلا حاجة إلى إعمال انسداد آخر صغير في مثل هذه الموارد ( أي موارد الرجوع إلى قول اللغوي وعلماء الرجال ) بل يكفي جريان مقدّمات الانسداد الكبير في معظم أحكام الفقه.