وإن شئت قلت : إجراء أصل العدم في تلك الموارد يوجب المحذور ، وهو الوقوع في الضرر كثيراً مع العلم بعدم رضا الشارع بذلك لشدّة اهتمامه بالضرر ، ومن جانب آخر : الاحتياط بترك كلّ ما احتمل كونه ضرريّاً يوجب العسر والحرج بل في بعض الموارد غير ممكن عقلاً كما إذا دار الأمر بين الوجوب والحرمة كصيام شهر رمضان فإن كان ضرريّاً فقد حرم ، وإن لم يكن ضرريّاً فقد وجب ، إذاً فلا محيص من حجّية الظنّ واللزوم اتّباعه في تعيين موارد الضرر ، فكلّ شيء ظنّ كونه ضرريّاً وجب تركه ، وكلّ ما شكّ كونه ضرريّاً جاز فعله ، بل المدار في هذه الموارد هو خوف الضرر وإن لم يكن مظنوناً كما ذكر في محلّه.
خاتمة يبحث فيها عن امور
( المطلوب فيها أوّلاً عمل الجوانح من الاعتقاد والانقياد خلافاً للفروع العمليّة ، المطلوب فيها أوّلاً عمل الجوارح ) فهل تجري مقدّمات الانسداد في اصول الدين على فرض انسداد باب العلم فيها فيكون الظنّ بها حجّة أو لا تجري فلا يكفي الاعتقاد الظنّي؟
قد أنكر الشيخ الأعظم والمحقّق الخراساني رحمهما الله جريان مقدّمات الانسداد في اصول الدين ، وعصارة بيانهما ( ببيان منّا ) : أنّ الامور الاعتقاديّة على أقسام ثلاثة :
القسم الأول : بعدم وجوب تحصيل العلم واليقين به على المكلّف لا عقلاً ولا شرعاً إلاّ إذا حصل له العلم به أحياناً ، ( فيجب بحكم العقل والشرع الاعتقاد به وعقد القلب له ولا يجوز له الإنكار والجحود ، أو الوقف والتأمّل فيه ) كما هو الحال في تفاصيل البرزخ والمعاد من سؤال القبر والصراط والحساب والكتاب والميزان والجنّة والنار وغيرها ، وكذلك في تفاصيل صفات الباري تعالى وصفات الإمام عليهالسلام كعلم الباري وعلم النبي صلىاللهعليهوآله والإمام عليهالسلام بعالم الغيب وإنّهم عالمون بجميع ما كان وما يكون إلى يوم القيامة فعلاً ( أو « إذا أرادوا علموا » أو « إذا أرادوا يعلّمهم الله تعالى » أو غير ذلك من الاحتمالات ) ففي هذا القسم من الامور لا تجري مقدّمات الانسداد ولا يكون الظنّ فيها حجّة ، لأنّه إذا انسدّ باب العلم فيها بتفاصيلها يمكن العلم بمطابقة عمل الجوانح مع الواقع بالاعتقاد الإجمالي بما هو واقعها وعقد القلب عليها من