وأمّا آية النفر فلأنّها في مقام بيان كيفية النفر للتفقّه لا في مقام بيان ما يجب فقهه ومعرفته كما لا يخفى.
وأمّا ما دلّ على وجوب طلب العلم فلأنّه في صدد الحثّ على طلب العلم لا في مقام بيان ما يجب علمه.
فظهر ممّا ذكر جميعاً عدم جريان مقدّمات الانسداد في الامور الاعتقاديّة بجميع أقسامها وصورها.
هذا ملخّص كلامهم ومحصّل استدلالهم.
أقول : لا كلام لنا في هذه المقالة إلاّبالنسبة إلى القسم الثاني منها ، حيث إنّهما أنكرا فيه استقلال العقل بحسن تحصيل الظنّ والاعتقاد بالمظنون في الامور الاعتقاديّة في فرض الانسداد ، وبالنتيجة رجّحا عدم الاعتقاد مطلقاً بالمذهب المظنون مع أنّه من المستبعد جدّاً حكم العقل به بل العقل يحكم بعدم التوقّف والسكون واختيار أحد الطرق غير العلمي ( وهو الظنّ لا محالة ) لما يرى في التوقّف الاعتقادي من الضلالة والهلاكة القطعيّة.
ويشهد بذلك شهادة صاحب كلّ مسلك من المسالك وشارع كلّ شريعة من الشرائع بعدم جواز التوقّف مضافاً إلى حكمه بوجوب طيّ طريقه الخاصّ به ، فهم متّفقون على الهلكة على فرض التوقّف.
وهذا نظير السالك الذي قدم إلى مفترق الطرق ، على رأس كلّ منها إنسان يدعو إلى سلوك طريقه وينهى عن سلوك الطرق الاخر مع اتّفاق الجميع على وجوب استمرار المشي ووجود الهلكة والضرر في التوقّف فلا إشكال حينئذٍ في حكم العقل بإدامة الحركة والسلوك في الطريق الذي يظنّ انتهائه إلى المقصود ونيل النجاح.
لا إشكال في عدم جواز الاكتفاء بالظنّ فيما يجب معرفته عقلاً أو شرعاً في حال الإنفتاح ، حيث إن الظنّ ليس بمعرفة قطعاً كما مرّ آنفاً في بيان الشيخ الأعظم والمحقّق الخراساني رحمهالله ، فلا بدّ من تحصيل العلم فيما إذا كان المكلّف قادراً عليه ومع العجز يكون معذوراً إن كان عن قصور