الْخَبَائِثَ ) (١) وقوله تعالى : ( أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ ) (٢).
وقوله عزّ شأنه : ( هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلاَّ الْإِحْسَانُ ) (٣) وقوله جلّ جلاله ( قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّي الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ) (٤) وقوله عظم قدره : ( إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ ) (٥) ففي هذه الآيات وأشباهها دلالة واضحة على ثبوت الحسن والقبح بحكم العقل ، وقبل ورود الشرع ، ولذا يحتجّ بها على إثبات الحقائق الواردة في الكتاب الكريم.
بقي هنا امور :
الأمر الأوّل : قد يقال : إنّ الحسن والقبح وإن كانا عقليين لكنّهما يختلفان بالوجوه والاعتبار ، فإنّ الضرب مثلاً حسن إن كان للتأديب ، وقبيح إن كان للتعذيب ، وكذلك القتل فإنّه حسن باعتبار القصاص ، وقبيح باعتبار الجناية ، وقد نسب هذا إلى قوم من العامّة وهم الجبائيون.
ولكن يرد عليه : أنّه من قبيل الأخذ لما بالعرض مكان ما بالذات ، ففي مثال الضرب ليس عنوان الضرب حسناً أو قبيحاً ذاتاً بل حسنه في صورة التأديب يكون بالعرض ومن باب أنّه مصداق للاحسان ، كما أنّ قبحه في صورة التعذيب عرضي من باب أنّه مصداق للظلم ، فالحسن والقبيح الذاتيان إنّما هما عنوانا الاحسان والظلم لا عنوان الضرب.
وإن شئت قلت : الأفعال على ثلاثة أقسام :
قسم منها يكون بحسب الذات علّة تامّة للحسن أو القبح كالظلم والاحسان.
__________________
(١) سورة الأعراف : الآيّة ١٥٧.
(٢) سورة ص : الآية ٢٨.
(٣) سورة الرحمن : الآية ٦٠.
(٤) سورة الأعراف : الآية ٣٣.
(٥) سورة النحل : الآية ٩٠.