إلى خصوص ذات الموضوع المذكور في القضيّة ، ففي المثال المزبور يدلّ على أنّه لا زكاة في الغنم المعلومة ، أمّا بالنسبة إلى غير هذا الموضوع فلا يدلّ على انتفاء الحكم عنه ، فلا يدلّ على انتفاء الزّكاة في البقر المعلوفة مثلاً كما نسب إلى بعض الشافعيّة ، إلاّ أن يقال : إنّ المستفاد من الحديث إنّ السوم علّة منحصرة للزكاة بالنسبة إلى جميع الحيوانات ، وذكر الغنم إنّما يكون بعنوان المثال ، لكن أنّى لنا بإثبات ذلك.
ثمّ إنّه تنبغي الإشارة هنا إلى نكتة فقهيّة ، وهي أنّ الملاك في زكاة الغنم ليس هو خصوص كونها سائمة كما هو المعروف ، بل المستفاد من الأخبار أنّ المعيار عدم كونها من العوامل ، وأمّا ذكر وصف السائمة في بعض الرّوايات فإنّه للملازمة الخارجيّة العرفيّة بينها وبين عدم كونها من العوامل في عرف ذلك الزمان ، فكونها سائمة من اللوازم القهريّة لعدم كونها عوامل ، لعدم الداعي حينئذٍ عادةً على إبقائها في بيوتها بل إنّها تسرح في مرجها وتسام إذا ساعدت الظروف ، وقد ذكرنا في تعليقتنا على العروة مؤيّدات عديدة لذلك فراجع (١).
الأمر الرابع : إنّ المراد من الوصف في ما نحن فيه أعمّ من الوصف الاصولي والوصف النحوي ، فهو عبارة عن كلّ ما صار قيداً للحكم في الكلام ، فيعمّ الحال إذا صار قيداً للحكم كقولك : « من جاءك ذاكراً فأكرمه » كما يعمّ ما يكون ظرفاً للحكم كقولك : « أكرم زيداً يوم الجمعة » فتأمّل.
إلى هنا تمّ الكلام في مفهوم الوصف ، وقد ظهر منه عدم إمكان المساعدة على دلالة الوصف على المفهوم في جميع الموارد ، وإن كان لا يمكن إنكاره أيضاً مطلقاً ، فإنّ القيود والأوصاف كثيراً مّا ترد في مقام الإحتراز ، والقرائن الحاليّة والمقاميّة تدلّ عليه.
بل قد يقال : إنّ الأصل في كلّ قيد هو كونه إحترازيّاً ، وإمّا الإتيان بالقيود لمقاصد اخرى مثل كونه محلاً للابتلاء أو قيداً غالبياً أو شبه ذلك فإنّها خلاف الأصل ، وحينئذٍ يستفاد المفهوم من هذه القيود حتّى في غير الأوصاف من القيود الزمانيّة والمكانيّة وغيرهما ( بناءً على عدم شمول الوصف بمعناه الأعمّ لهذه القيود ) من دون فرق بين أن يكون الوصف معتمداً على الموصوف أو لا يكون ، فإنّه أيضاً يرجع إلى التقييد ويكون الأصل فيه الإحتراز ، فلا فرق بين
__________________
(١) راجع تعليقات الاستاذ دام ظلّه على العروة الوثقى : ج ١ ، ص ٣٣٠.