التامّة في كلمات العرب ، إذن لابدّ من دفع الإشكال بطرق اخر فنقول : هيهنا وجوه ثلاثة يمكن دفع الإشكال بها :
الأوّل : إنّ كلمة التوحيد ليست ناظرة إلى توحيد الذات وإثبات أصل وجود واجب الوجود ، بل إنّها سيقت للتوحيد الأفعالي ولنفي ما يعتقده عبدة الأوثان ، ويشهد لذلك أنّ المنكرين الموجودين في صدر الإسلام لم يكونوا مشركين في ذات الواجب تعالى بل كانوا معتقدين بوحدة ذاته وخاطئين في توحيد عبادته فكانوا يعبدون الأصنام ليقربوهم إلى الله زلفى ( بزعمهم ) ، فكلمة الإخلاص حينئذٍ وردت لردّهم ولنفي استحقاق العبوديّة عن غيره تعالى فيكون معناها : « لا مستحقّ للعبوديّة إلاّ الله ».
الثاني : إنّه لا إشكال في إمكان تقدير كلمة « موجود » و « ممكن » معاً ، فكما يجوز إتيان الخبر في الظاهر متعدّداً ، كذلك يجوز تقديره متعدّداً فيما إذا قامت القرينة عليه ، والمقام كذلك.
الثالث : إنّ المعتبر في الشهادة على التوحيد عند الفقهاء هو نفي وجود الغير فقط وأمّا الإمكان فهو من المفاهيم التي لا يمكن تصوّرها لعامّة الناس ، مع أنّ كلّ فقيه يفتي بإسلام كلّ من أقرّ بالتوحيد بهذه الكلمة ، فلا يجب في دلالتها على التوحيد دلالتها على امتناع غيره تعالى ، بل يكفي فيها دلالتها على عدم وجود إله غيره سبحانه ، فيمكن أن يكون المقدّر حينئذٍ خصوص كلمة « موجود » لا كلمة « ممكن » فتأمّل.
هذا تمام الكلام في مفهوم كلمة « إلاّ ».
وهي تدلّ على المفهوم عند كثير من الاصوليين ، واستدلّ له بوجهين :
الأوّل : إجماع النحات وتنصيص أهل اللغة به.
الثاني : التبادر.
واستشكل في التبادر بأنّه لا سبيل لنا إليه لأنّا لا نعرف المرادف لها في عرفنا حتّى نستكشف منه ما هو المتبادر منها بخلاف ما هو بأيدينا من الألفاظ المترادفة لبعض الكلمات العربيّة كما في أداة الشرط مثلاً نظير كلمة « إنّ » حيث يوجد لها في اللغة الفارسيّة ما يرادفها وهو لفظة « اگر ».