ما هو الفرق بين العام والمطلق مع أنّ المطلق أيضاً ينقسم إلى قسمين : إطلاق شمولي استغراقي وإطلاق شمولي بدلي ، والأوّل نحو قوله تعالى : « أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ » والثاني كقولك « أكرم عالماً »؟
المشهور بين الأعلام كما عرفت أنّ التفاوت بينهما أنّ العام يستفاد الشمول فيه من اللفظ ، وأمّا في المطلق فيستفاد الشمول من مقدّمات الحكمة ، نعم قد خالف في ذلك في التهذيب بعد أن نقل هذا الفرق من بعض الأعاظم ومنع عن ذلك أشدّ المنع ، وحاصل كلامه : إنّ العام والمطلق يفترقان حقيقة ولهما مفهومان متفاوتان لأنّ العام يشمل جميع الأفراد ، وأمّا المطلق فليس له شمول بل هو عبارة عن أنّ تمام موضوع الحكم هو الطبيعة لا بشرط ولا ينظر فيه إلى الفرد أصلاً ، ففي قولك « أعتق رقبة » يكون النظر كلّه إلى طبيعة الرقبة فقط من دون ملاحظة أفرادها ، نعم يلاحظ الفرد ويتوجّه إليه لانطباق الطبيعة عليه.
أقول : هيهنا نكتتان يجب الالتفات إليهما :
إحداهما : إنّ الطبيعة الملحوظة في كلامه هل هي الطبيعة الموجودة في الذهن أو الطبيعة الموجودة في الخارج؟ فإن كان المقصود الطبيعة الموجودة في الذهن فهي ليست مطلوبة للمولى بلا إشكال ، وإن كان المراد الموجودة في الخارج فيلاحظ الفرد حينئذٍ وينظر إليه لا محالة كما لا يخفى.
ثانيهما : إنّا لا نفهم معنى الانطباق في كلامه ، فإمّا أن يكون الفرد الذي تنطبق عليه الطبيعة مأموراً به أو لا يكون ، والأوّل يستلزم الحكم بأنّ الطبيعة إنّما لوحظت بما هي مرآة إلى الخارج لا بما هي هي ، والثاني يستلزم كون الطبيعة بما هي هي مقصودة ، وهو كماترى ، لأنّ الطبيعة بما هي هي مع قطع النظر عن وجودها في الخارج لا تكون منشأً للأثر ولا تترتّب عليها المصالح والمفاسد حتّى يريدها المولى أو يكرهها ويأمر بها أو ينهي عنها.
ويستدلّ له بالتبادر فإنّه لا إشكال في أنّ المتبادر من ألفاظ من قبيل لفظ « كلّ » العموم.