حجّية العام المخصّص في الباقي
وهي مسألة يكثر الابتلاء بها ، لأنّ العمومات غالباً مخصّصة مع أنّ رحى الاجتهاد تدور على العمل بها فيشكل الأمر لو لم يكن العام المخصّص حجّة في الباقي.
وفيها ثلاثة أقوال :
الأوّل : ما ذهب إليه المشهور من الإماميّة كما أنّ الظاهر ذهاب المشهور العامّة إليه وهو كون العام حجّة في الباقي مطلقاً سواء كان المخصّص متّصلاً أم منفصلاً.
الثاني : عدم الحجّية مطلقاً كما نسب إلى بعض العامّة.
الثالث : التفصيل بين المتّصل والمنفصل فيكون حجّة في الأوّل دون الثاني.
ثمّ إنّ هذه المسألة مبنيّة على مسألة اخرى لابدّ من تقديمها عليها ، وهي « هل العام حقيقة في الباقي فيكون حجّة فيه بلا إشكال أو لا؟ » فنقول : قد نقل فيها صاحب الفصول ثمانية أقوال ، ولا يهمّنا ذكرها بتمامها إلاّثلاثة منها ، وهي القول بالحقيقة مطلقاً ، والقول بالمجاز مطلقاً ، والقول بالتفصيل بين المتّصل والمنفصل وكونه حقيقة في الأوّل ومجازاً في الثاني.
والأوّل هو ما ذهب إليه كثير من المتأخّرين ، واستدلّ له بأنّ التخصيص يكون في الإرادة الجدّية لا الإرادة الاستعماليّة ولا إشكال في أنّ المدار في الحقيقة والمجاز هي الإرادة الاستعماليّة.
توضيح ذلك : ذهب المحقّق الخراساني رحمهالله وجماعة اخرى ممّن تبعه إلى أنّ للمتكلّم في كلّ كلام إرادتين إرادة جدّية وإرادة استعماليّة ، وهما تارةً تتوافقان واخرى تتخالفان ( وإن كان قد يتوهّم في بدو النظر أنّ للمتكلّم إرادة واحدة ) ويستكشف هذا من الكنايات في الجمل الإخباريّة ، ومن الأوامر الإمتحانيّة في الجمل الإنشائيّة حيث إنّ في كلّ واحد منهما توجد