٣ ـ المفاهيم
وقبل الورود في أصل البحث لابدّ من تقديم امور :
المفهوم في اللّغة عبارة عن « ما يفهم ويدرك » ، فإذا اضيف إلى اللفظ كان معناه ما يفهم من اللفظ ، وإذا اضيف إلى الجملة كان معناه ما يفهم من الجملة ، فهو يعمّ حينئذٍ المعنى المصطلح للمفهوم أيّاً ما كان ، حيث إنّه ممّا يفهم من اللفظ كذلك ، فيكون مفهوماً له.
وأمّا في الاصطلاح فقد عرّف في كلمات القوم بتعاريف عديدة :
أحدها : ما أفاده المحقّق الخراساني رحمهالله وهو : « إنّ المفهوم حكم إنشائي أو إخباري تستتبعه خصوصيّة المعنى ( الذي اريد من اللفظ ) بتلك الخصوصيّة ولو بقرينة الحكمة ، وكان يلزمه لذلك ، وافقه في الإيجاب والسلب أو خالفه ».
ولكنّه قد أتعب نفسه الزكيّة حيث لا حاجة إلى كثير من هذه القيود وهي كلمة « إنشائي أو إخباري » وقوله : « ولو بقرينة الحكمة إلى آخره ».
بل لو قلنا : « إنّ المفهوم حكم غير مذكور في الكلام يدلّ عليه المذكور » كان شاملاً لتمام ما أراده من تلك القيود ، حيث إنّ لفظ « الحكم » عام يعمّ الإنشائي والإخباري معاً ، وجملة « غير مذكور في الكلام » شامل لمفهوم الموافقة وغيرها ، وكلمة « المذكور » مخرجة لما يستفاد من مقدّمات الحكمة ؛ لأنّها ممّا يستفاد من بعض المقدّمات العقليّة لا من دلالة وضعية ، وهذا بنفسه تعريف ثانٍ للمفهوم.
ثالثها : ما نقله المحقّق الخراساني رحمهالله أيضاً ممّا يكون في جانب التفريط وهو أنّ « المفهوم حكم غير مذكور » حيث لا إشكال في أنّ كلّ حكم مذكور ليس مفهوماً.