الخراساني رحمهالله مضافاً إلى أنّه تحصيل للحاصل.
وأمّا القول الثالث : وهو ما مرّ من مختار المحقّق الخراساني رحمهالله ، فإن كان مراده من التخيير التخيير الظاهري فقد عرفت أنّه تحصيل للحاصل لأنّ المقصود من كلّ إلزام هو البعث والتحريك لانبعاث حاصل في المقام ، وإن كان المراد التخيير الواقعي ، فجوابه إنّ مورده باب تزاحم الملاكات وما إذا كان لكلّ من الطرفين ملاكاً مستقلاً مزاحماً لملاك الطرف الآخر ، بينما الملاك في ما نحن فيه موجود في أحد الطرفين فقط.
وأمّا القول الرابع : وهو التخيير عقلاً مع التوقّف شرعاً فقد مرّ الجواب آنفاً عن الجزء الأوّل منه ، وهو التخيير عقلاً ، أمّا الجزء الثاني ففيه : إنّه وإن لم يكن للشارع حكم بالتخيير لما مرّ من أنّه تحصيل للحاصل ولكن لا إشكال في شمول أدلّة الإباحة والبراءة بالنسبة إلى احتمال تعيين أحدهما.
وأمّا القول الخامس : فقد ظهر الجواب عنه ممّا مرّ فلا نعيد.
بقي هنا امور :
إنّا لم نظفر على مثال في الفقه لدوران الأمر بين الفعل والترك بنحو الشبهة الحكميّة ، لأنّ ما ذكرنا من مثال صلاة الجمعة خارج عن محلّ الكلام في الواقع ( لمكان اعتبار قصد القربة فيها ) كما سيأتي إن شاء الله.
نعم يمكن التمثيل له بالشبهة الحكميّة في باب الحدود والتعزيرات كما إذا شككنا في أنّ المجرم الفلاني هل صار مستحقّاً للحدّ أو التعزير ( سواء كان الشكّ في أصل الحدّ والتعزير أو مقدارهما ) فيكون واجباً أو ليس مستحقّاً لهما فيكون حراماً لأنّ أمر الحدود أو التعزيرات في جميع الموارد دائر بين الوجوب والحرمة.
لكنّه مجرّد فرض أيضاً لوجود أمارتين في هذا الباب تمنعان من عروض الشكّ : إحديهما : قاعدة « الحدود تدرأ بالشبهات » والثانية : « حرمة إيذاء المؤمن » وحيث إنّهما من الأدلّة الاجتهاديّة فمع جريانهما لا تصل النوبة إلى الاصول العمليّة.