ويمكن التمثيل أيضاً له بما ذكره بعض الأعلام (١) من أنّ مقطوع الذكر المتعذّر عليه الدخول إذا تزوّج وساحق زوجته ثمّ طلّقها فإن كانت المساحقة في حكم الدخول ( كما حكي عن الشيخ في مبسوطه ) فطلاقها رجعيّ ، وحينئذٍ فلو طلب الزوج منها الاستمتاع في العدّة وجبت الإجابة عليها ، وإن لم تكن بحكم الدخول كما هو ظاهر المشهور كان الطلاق بائناً وليس له الاستمتاع بها بالرجوع ، بل بالعقد الجديد ، فلو طلب منها الاستمتاع حرم عليها الإجابة ، وعليه فيدور حكم إجابة الزوجة بين الحرمة والوجوب ، وهذا هو الدوران بين المحذورين.
ولكنّه أيضاً ممنوع لحكومة ما دلّ على اعتبار الدخول المشكوك شموله للمقام على أصالة التخيير فإنّ العام إذا كان مردّداً مفهوماً بين الأقلّ والأكثر يؤخذ بالأقلّ فيبقى غيره تحت استصحاب نفي أحكام الدخول فإنّه قبل المساحقة لم يكن محكوماً بأحكام الدخول ، والاستصحاب يقتضي عدمه بعدها.
لا إشكال في أنّ ما ذكرنا من جريان البراءة عقلاً وشرعاً وعدم جريان التخيير كذلك إنّما هو في صورة وحدة الواقعة كما في مثال الحلف بشرب الماء وعدمه في زمن خاصّ ، وأمّا إذا كانت الواقعة متعدّدة كما إذا لا يعلم أنّه حلف بأن يشرب من هذا المائع في كلّ جمعة أو يتركه كذلك ، فلا إشكال في إمكان جريان التخيير عقلاً سواء قلنا بالتخيير البدوي بناءً على عدم جواز المخالفة القطعيّة في الامور التدريجيّة ، أو قلنا بالتخيير الاستمراري بناءً على حرمة مخالفتها كذلك لعدم كونه من قبيل تحصيل الحاصل ، فيمكن للمكلّف إرتكاب أحد الطرفين في هذا الاسبوع مثلاً وإرتكاب الطرف الآخر في الاسبوع القابل.
كلّ ما ذكر إنّما هو في التوصّليات ، وأمّا إذا كان المورد أمراً تعبّدياً ( سواء كان تعبّدياً بكلا طرفيه كما إذا شكّ في أنّ متعلّق نذره حين الإحرام كان هو غسل الجمعة مثلاً أو تركاً من تروك الإحرام بناءً على كونها عبادية ، أم كان تعبّدياً بأحد طرفيه كما إذا شكّ في أنّ صلاة الجمعة واجبة أو حرام أو شكّ في كونه مسافراً حتّى يحرم عليه الصوم في شهر رمضان أو حاضراً
__________________
(١) أوثق الوسائل في الشرح على الرسائل.