حتّى يجب عليه الصوم ) فحكمه يختلف عمّا سبق بل هو خارج عن مسألة الدوران ، لأنّ الحكم بالتخيير حينئذٍ لا يكون من قبيل تحصيل الحاصل لتصوّر شقّ ثالث بل رابع هنا ، فليس الأمر دائراً بين الفعل أو الترك دائماً بل يدور الأمر بين الفعل من دون قصد القربة أو الترك كذلك ، وبين الفعل من دون قصد القربة أو الترك كذلك وبين الفعل مع قصد القربة أو الترك كذلك ، فيمكن الحكم بالتخيير عقلاً لعدم كونه تحصيلاً للحاصل ، ولإمكان الموافقة الاحتماليّة وإن كانت الموافقة القطعيّة متعذّرة.
نعم لا بأس أيضاً بجريان البراءة عن تعيين أحدهما بالخصوص.
ويمكن أن يقال : أنّ الصورة الثانية ممّا نحن فيه ( أي ما إذا كان أحد الطرفين تعبّدياً ) ترجع بالمآل إلى التوصّليين لأنّ المتصوّر من الشقوق فيها أيضاً شقّان حيث إنّه في مثال صلاة الجمعة مثلاً إمّا أن يأتي بصلاة الجمعة جامعاً للشرائط ، أي مع قصد القربة ، أو لا يأتي بها كذلك ، سواء لم يأت بها أصلاً أو يأت بها من دون جزء من أجزائها أو شرط من شرائطها كقصد القربة والوضوء ، فهو حينئذٍ يأتي بأحد الشقّين على أي حال والبعث إلى أحدهما تخييراً تحصيل للحاصل.
إذا دار الأمر بين التعيين والتخيير ( سواء كانت الشبهة حكميّة كما إذا دار الأمر بين وجوب صلاة الجمعة في عصر الغيبة تعييناً ووجوبها تخييراً بينها وبين صلاة الظهر ، ومثل دوران الأمر بين صلاة القصر تعييناً وبين التخيير بينها وبين صلاة الإتمام في الأماكن الأربعة بالنسبة إلى الإضافات التي عرضت عليها ، أو كانت الشبهة موضوعيّة كما إذا شككنا في أنّ متعلّق النذر كان هو إكرام زيد تعييناً أو إكرام زيد وعمرو تخييراً ، وكما إذا شككنا في أنّ متعلّق الحلف كان هو الصيام في يوم الجمعة تعييناً أو إتيانها في الجمعة والخميس تخييراً ) فهل المرجع فيه قاعدة الاشتغال أو البراءة؟ مذهبان :
استدلّ القائلون بالبراءة ، بأنّ صفة التعيينية كلفة زائدة توجب الضيق على المكلّف ، بداهة إنّه لو لم يكن الواجب تعيينيّاً لكان المكلّف بالخيار بين الإتيان به أو بعدله ، فيشملها قوله صلىاللهعليهوآله : « رفع ما لا يعلمون » وغير ذلك من أدلّة البراءة ، ويلزمه جواز الإكتفاء بفعل ما يحتمل كونه عدلاً لما علم تعلّق التكليف به.