٣ ـ أصالة الاشتغال
كان البحث إلى هنا في الشكّ في أصل التكليف ، والآن نبحث في الشكّ في المكلّف به مع العلم بنوع التكليف ، سواء كانت الشبهة حكميّة أو موضوعيّة وسواء كانت وجوبيّة أو تحريميّة ، فالوجوبية الحكميّة نظير ما إذا علمنا بوجوب صلاة في يوم الجمعة ولم نعلم بأنّها صلاة الجمعة أو صلاة الظهر ، والوجوبيّة الموضوعيّة نظير ما إذا كانت القبلة غير معلومة في الخارج مع العلم بوجوب الاستقبال إليها في الصّلاة ، والتحريميّة الحكميّة مثل ما إذا علمنا بأنّ أربعة عشر جزءاً ( أو خمسة عشر جزءاً ) من أجزاء الذبيحة حرام ولم نعلم بأنّها ما هى؟
والتحريميّة الموضوعيّة نظير ما إذا تردّد الخمر ( الثابتة حرمتها ) بين إنائين.
ثمّ إنّ الشكّ في المكلّف به قد يكون لتردّده بين المتباينين ذاتاً كجميع ما ذكرنا من الأمثلة آنفاً وقد يكون لتردّده بين الأقل والأكثر ، وهو على قسمين : فتارةً يكون من قبيل الأقلّ والأكثر الإرتباطيين كالشكّ في أجزاء الواجب أو الحرام ، واخرى من قبيل الأقلّ والأكثر الإستقلاليين كما في دوران دَين بين تسعة دراهم وعشرة دراهم ، أو دوران عدد الصلوات الواجب قضاءها بين التسعة والعشرة ، فيقع الكلام في ثلاث مقامات :
والأقوال فيه ثلاثة :
١ ـ حرمة المخالفة القطعيّة ووجوب الموافقة القطعيّة ( أي حرمة الموافقة الاحتماليّة مضافاً إلى حرمة المخالفة القطعيّة ) وهذا هو المشهور بين الاصوليين رضوان الله عليهم.
٢ ـ التفصيل بين المخالفة القطعيّة والموافقة القطعيّة بأنّ الاولى حرام وإنّ الثانية مباحة ، وذهب إليه المحقّق القمّي رحمهالله.