ثبت عدم جريان أصل مرخّص في غير المضطرّ إليه أي عدم مؤمن من العذاب كان الاحتياط واجباً عقلاً وإن كان العلم الإجمالي مرفوعاً بعد مجيء الاضطرار.
وبما ذكرنا يظهر الضعف في القول الثاني والثالث فلا نحتاج إلى مزيد بحث.
المعروف بين المتأخّرين والمعاصرين أنّ العلم الإجمالي إنّما يؤثّر فيما إذا كانت جميع الأطراف محلاً للابتلاء وإلاّ ، فلا أثر له كما إذا علم المكلّف بإصابة قطرة دم أمّا بثوبه أو بثوب بعض المارّة الذي لا صلة بينه وبين المكلّف أبداً ولا يبتلى بثوبه عادة.
وهنا بحث صغروي وبحث كبروي :
أمّا الكبروي : فهو إنّ خروج طرف عن محلّ الابتلاء هل يوجب عدم وجوب الاجتناب عن سائر الأطراف أو لا؟
وأمّا البحث الصغروي : فهو في معيار الخروج عن محلّ الابتلاء وبيان الوظيفة عند الشكّ في الخروج وعدمه.
وحاصل كلمات الأعلام في الكبرى مع اختلافها وتلوّنها أنّ التكليف إنّما يجب امتثاله فيما إذا تحقّق شرائط أربعة :
١ ـ العلم بحدوث تكليف جديد فيعتبر في تأثير العلم الإجمالي في التنجّز أن لا يكون أحد أطرافه على فرض إنطباق المعلوم بالإجمال عليه ممّا لا يترتّب عليه أثر شرعي ولا يحدث بسببه تكليف إلهي ، كما إذا علم إجمالاً بوقوع قطرة من البول في أحد إنائين أحدهما بول أو متنجّس بالبول أو كثير لا ينفعل بالنجاسة أو أحد ثوبين أحدهما نجس بتمامه ، لعدم العلم حينئذٍ بحدوث تكليف جديد بالاجتناب عن ملاقي هذه القطرة ، إذ لو كان ملاقيها هو الإناء النجس لم يحدث بسببه تكليف بالاجتناب أصلاً ، فالشكّ في التكليف بالاجتناب عن الآخر شكّ بدوي.
٢ ـ كون التكليف فعليّاً من جميع الجهات.
٣ ـ كون المكلّف به ممّا يكون العبد قادراً بإتيانه أو غير عاجز عن الإتيان به ، فلا يكون