رابعها : ما رواه جابر عن أبي جعفر عليهالسلام في وصية له لأصحابه قال : « إذا اشتبه الأمر عليكم فقفوا عنده ، وردّوه إلينا حتّى نشرح لكم من ذلك ما شرح لنا ... » (١).
خامسها : ما واه عبدالله بن جندب عن الرضا عليهالسلام في حديث قال : « ... بل كان الفرض عليهم والواجب لهم من ذلك الوقوف عند التحيّر وردّ ما جهلوه من ذلك إلى عالمه ومستنبطه لأنّ الله يقول في كتابه : « ولو ردّوه إلى الله وإلى الرسول وإلى اولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم » ، يعني آل محمّد وهم الذين يستنبطون منهم القرآن ، ويعرفون الحلال والحرام وهم الحجّة لله على خلقه » (٢).
ويظهر من هذه الروايات وأشباهها إنّ وجوب الفحص عن الشبهات الحكميّة أمر مفرو عنه.
٤ ـ لقائل أن يقول : إنّ حديث الرفع وسائر أدلّة البراءة ـ أساساً ـ لا تعمّ ما قبل الفحص ، لأنّ لازمه الإغراء على الجهل ، وبعبارة اخرى : إنّها منصرفة عن موارد القدرة على الفحص وحينئذٍ لا يوجد دليل على البراءة قبل الفحص حتّى يقال بجريانها قبله ، فلا نحتاج إلى محاولة إقامة الدليل على وجوبه لتخصيص إطلاقات أدلّة الأحكام بما بعد الفحص بل يكفي مجرّد عدم وجود دليل على البراءة قبله.
وهذا الوجه لا غبار عليه ، فتلخّص إلى هنا أنّ دلالة الوجه الرابع والثالث على المقصود تامّة.
بقي هنا شيء :
لا إشكال في أنّه يختلف باختلاف الأدلّة ، فمن اعتمد في المسألة على العلم الإجمالي ( وهو الوجه الثاني ) وجب عليه الفحص حتّى ينحلّ العلم الإجمالي ، ومن اعتمد على الضرورة والإجماع فيأخذ بالقدر المتيقّن لكون الدليل لبّياً حينئذٍ ، وإن كان الدليل هو الآيات والروايات فالظاهر منها وجوب الفحص في كلّ شيء عن مظانّ ذلك الشيء.
__________________
(١) وسائل الشيعة : الباب ١٢ ، من أبواب صفات القاضي ، ح ٤٣.
(٢) المصدر السابق : ح ٤٩.