ثانياً : ( بالنسبة إلى قوله لا يجوز الاستدلال بالإجماع في مثل هذه المسألة ) أنّ لازم انعقاد الإجماع على العقاب هو الإجماع على وجود حكم شرعي في البين ترك امتثاله ، أي أنّ الإجماع على العقاب مستلزم لوجود تكليف شرعي في البين أوجبت مخالفته العقاب.
ثالثاً : أنّ لازم كلامه تبدّل الواجب المعلوم بعد العلم به إلى واجب آخر حيث تبدّل ، فيتبدّل وجوب الركعتين الأوّليين لا بشرط الزيادة بعد العلم به إلى وجوبهما بشرط عدم الزيادة ، وهذا أمر محال لاستلزامه الدور فإنّ الوجوب فرع العلم به ، والعلم به فرع تحقّق الوجوب.
قد ذكر الفاضل التوني رحمهالله لجريان أصالة البراءة شرطين آخرين :
أحدهما : أن لا يلزم من العمل بالبراءة إثبات حكم آخر ، وإلاّ لا تجري ، كما في أطراف العلم الإجمالي فإنّ جريان الأصل في بعضها يثبت وجوب الإجتناب عن الآخر.
ثانيهما : أن لا يلزم من جريانها ضرر على الغير ، كما إذا فتح إنسان قفص طائر فطار ، أو حبس شاة فمات ولدها ، أو أمسك رجلاً فهربت دابته على المالك فلا يصحّ اجراؤها فيها لإثبات عدم الضمان.
أقول : أمّا الشرط الأوّل : فله ثلاث صور : تارةً يكون ما يترتّب على البراءة من الآثار الشرعيّة كجريان أصالة الحلّية في الحيوان المتولّد من مأكول اللحم ومحرمه ، فيترتّب عليه إباحة جلده ووبره إذا كان المراد من حلّية أجزاء ما يؤكل لحمه الأعمّ من الحلّية الواقعية الظاهرية ، ففي هذه الصورة لا إشكال في جريان البراءة.
واخرى : يكون الأثر من الآثار العقليّة كما في مثال العلم الإجمالي ، فإنّ وجوب الاجتناب عن الطرف الآخر لازم عقلي لجريان البراءة في الطرف الأوّل ، فلا إشكال أيضاً في عدم ترتّب ذاك الأثر عليه لكونه من الأصل المثبت ، ولكن هذا غير مانع عن جريانها في مورده.
وثالثة : يكون الأثر من الآثار الشرعيّة المترتّبة على عدم الحكم الواقعي ، كما إذا فرضنا