ومنها : ما رواه أبو داود أيضاً في سننه عن أبي صرمة صاحب النبي صلىاللهعليهوآله أنّه قال : « من ضارّ أضرّ الله به ومن شاقّ شاقّ الله عليه » (١).
ونفس المضمون ورد في سنن الترمذي (٢).
هذه ما ورد من طرق العامّة.
وقد ظهر من مجموع ما ورد من الطريقين أنّ الحديث ( لا ضرر ولا ضرار ) لو لم يكن متواتراً فلا أقلّ من كونه متظافراً ، وقد قال العلاّمة المجلسي رحمهالله في مرآة العقول في شرح حديث سمرة : « هذا المضمون مروي من طرق العامّة والخاصّة بأسانيد كثيرة فصار أصلاً من الاصول ، وبه يستدلّون في كثير من الأحكام » (٣).
أضف إلى ذلك استدلال فقهائنا بهذا الحديث بعنوان أصل مسلّم ، وهذا هو الشيخ الطوسي رحمهالله استدلّ به في الخلاف كتاب البيع في مسائل الغبن ( المسألة ٦٠ ) وكتاب الشفعة المسألة ١٤.
إلى هنا تمّ الكلام في المقام الأوّل.
ولابدّ فيه من تقديم امور :
الأمر الأوّل : في قيد « في الإسلام » الذي سيأتي دخله وتأثيره في معنى الحديث والاستظهار منه.
وقد ورد هذا القيد في أحاديث عديدة من الطريقين ، فورد ( كما مرّ في المقام الأوّل ) من طريق الخاصّة في مرسلة الصدوق الواردة في باب الإرث ، وفي مجمع البحرين في مادّة « ضرر » في ذيل حديث الشفعة ، وفي عوالي اللئالي ، ومن طرق العامّة في نهاية ابن الأثير.
لكن بما أنّ جميع هذه الطرق غير قابلة للإعتماد خصوصاً بعد ملاحظة مخالفة بعضها مع
__________________
(١) سنن أبي داود : ج ٣ ، ص ٣١٥ ، أبواب من القضا ، ٣٦٣٥.
(٢) سنن الترمذي : ج ٤ ، ص ٣٣٢ ، باب ما جاء في الخيانة والغشّ.
(٣) نقلناه من مستدرك سفينة البحار : ج ٦ ، ص ٤٤٤ ، مادّة « ضرر ».