وبهذا تمّ الكلام في المقام الثاني.
إنّ نسبة القاعدة إلى سائر الأدلّة نظير « الناس مسلّطون على أموالهم » وقوله عليهالسلام : « الطلاق بيد من أخذ بالساق » تختلف باختلاف المباني فيها ، فعلى مبنى الشيخ الأعظم والمحقّق الخراساني رحمهما الله ومن تبعهما لا إشكال في حكومة القاعدة على سائر الأحكام ، لأنّها حينئذٍ تنفي الحكم الضرري ، فتكون ناظرة إلى غيرها من الأحكام ، فإنّ معنى الحكومة أن يكون الدليل الحاكم ناظراً إلى المحكوم ومتصرّفاً أمّا في نفس الحكم ( كما إذا قال المولى : يجب إكرام العلماء ، ثمّ قال : إنّما عنيت وجوب إكرام غير الفسّاق ) أو في متعلّقه ( كما إذا قال : « السلام من الإكرام » أو « تقبيل اليد ليس إكراماً » ) أو في موضوعه ( كما إذا قال : « العالم الفاسق ليس بعالم » أو « العامي العادل عالم » ) وما نحن فيه من القسم الأوّل كما لا يخفى.
وبناء على المختار ( وهو أن تكون القاعدة ناظرة إلى النهي عن اضرار الناس بعضهم ببعض ) فأيضاً لا إشكال في تقدّم القاعدة على سائر الأدلّة ، لكن لا لأجل الحكومة لعدم جريان قسم من الأقسام الثلاثة من الحكومة في المقام ، بل لأظهريتها التي هى الملاك في تقديم أحد الدليلين على الآخر فيما إذا كانت النسبة بينهما العموم من وجه ، ولا يخفى أنّ نسبة القاعدة مع غيرها العموم من وجه ، حيث إنّ دليل « الناس مسلّطون على أموالهم » مثلاً شامل لموارد الضرر وغير الضرر ، وقاعدة « لا ضرر » أيضاً شاملة لموارد السلطة وغيرها.
ووجه الأظهرية : أوّلاً : أنّه في صورة عدم تقديم القاعدة لا يبقى لها مورد ، لأنّه لا مورد إلاّ والقاعدة تعارض فيه إطلاقاً أو عموماً.
وإن شئت قلت : إنّ نسبة القاعدة إلى مجموع سائر الأدلّة بمجموعها نسبة الخاصّ إلى العام ، ولا إشكال في تقديم الخاص على العام ، فتأمّل.
وثانياً : أنّها آبية عن التخصيص كما يظهر بملاحظة مناسبة الحكم والموضوع فيها وكونها في مقام الإمتنان فلا يصحّ أن يقال : إنّه لا يجوز اضرار الناس بعضهم ببعض إلاّفي هذا المورد.