بالكثير وهو ليس بمستهجن.
ومنها : ما ذكره الشيخ رحمهالله أيضاً من كونه تخصيصاً بعنوان واحد لا بعناوين.
ومنها : ما اخترناه من أنّه تخصيص في بادىء النظر فقط ، لأنّا نعلم بعد الدقّة والتأمّل عدم كون تلك الأحكام ضرريّة عند العرف والعقلاء.
توضيح ذلك : أنّ للإنسان حياتين : حياة فردية وحياة اجتماعيّة ، ولكلّ من الحياتين مصارف خاصّة ، فبالنسبة إلى حياته الفردية يحتاج إلى أغذية وألبسة وماء وهواء وغير ذلك من أشباهها ، وأمّا بالنسبة إلى حياته الاجتماعيّة فيحتاج إلى أمن السبل ونظام المجتمع ودفع الأعداء وفصل القضاء واحقاق الحقوق وأمثال ذلك ، فكما أنّ ما يصرفه في طريق حياته الفردية من الأموال لا تعدّ ضرراً عند أحد ولا يتفوّه به واحد من العقلاء ، فكذلك المصارف التي يتحمّلها لحفظ حياته الاجتماعيّة وصيانتها عن الحوادث ، فالنفقات التي يصرف لتقوية الجيوش وأمن السبل وإجراء الحقوق وحفظ منصب القضاء والتعليم والتربية لأبناء المجتمع لا تعدّ ضررية قطعاً ، كيف وتعود منافعها إليه وقتاً بعد وقت وتؤتي اكلها كلّ حين بإذن ربّها ، وما عدّوه من الأحكام الضررية تعود في الغالب إلى أمثال هذه النفقات أو أشباهها من تدارك الخسارات وغيرها ممّا يعلم وجهها.
وليت شعري كيف تعدّ هذه الأحكام ضرريّة مع أنّ أمثالها موجودة بين العقلاء من أهل العرف ، وتكون ضروريّة عندهم فيجعلونها من الواجبات على عاتقهم ويعدّونها ممّا لا تقوم معيشتهم إلاّبها.
أضف إلى ذلك عدم ورود هذا الإشكال من الأساس على مختارنا في معنى الحديث من أنّه بحسب الحقيقة نهى عن إضرار الناس بعضهم ببعض ، ولا ينفي وجود أحكام ضررية في الشريعة حتّى يتوهّم تخصيصها بما يتراءى كونه ضررياً ، كما لا يخفى.
وهو منافاة حكم النبي صلىاللهعليهوآله بقلع الشجرة لسائر القواعد ، لأنّ أقصى ما يستفاد من قاعدة « لا ضرر » هو لزوم استئذان سمرة من الأنصاري ، وأمّا قلعها ورميها إليه فهو ينافي حقّ سمرة