قلنا : إنّ قاعدة الاستصحاب الجاري في الموضوعات بما هى هى من دون ملاحظة الموضوعات بخصوصياتها حكم كلّي ينطبق على افراد كثيرة ، وهو عبارة عن الجري العملي على وفق الحالة السابقة.
واخرى : يكون المستصحب من الأحكام كاستصحاب طهارة العصير العنبي بعد الغليان ، فلا إشكال في أنّه من المسائل الاصوليّة ، لأنّه يقع كبرى لقياس يستنتج منه حكم فقهي كلّي.
وثالثة : يكون المستصحب من المسائل الاصوليّة كاستصحاب حجّية خبر الواحد فيما إذا شككنا في نسخها من جانب الشارع فهو حينئذٍ من مبادىء علم الاصول التصديقيّة ، وقد عرفنا سابقاً أنّه لابدّ من البحث عنها في علم الاصول إذا لم يبحث عنه أو لم يستوف حقّها في سائر العلوم.
المعروف أنّ للاستصحاب ركنين : اليقين السابق والشكّ اللاحق المتعلّق بمتعلّق اليقين ، ونفس هذا يدلّ على لزوم اتّحاد القضيّتين في الاستصحاب : القضية المتيقّنة والقضية المشكوكة موضوعاً ومحمولاً فتكون مثلاً قضية « إنّ هذا الماء كرّ » متعلّقة اليقين والشكّ معاً.
إن قلت : لو كان المعتبر في جريان الاستصحاب اتّحاد القضيتين كذلك ، لزم عدم جريانه في الشبهات الحكميّة ، حيث إنّه ما من شكّ متعلّق ببقاء حكم من الأحكام إلاّ أوهو ناشيء من تغيير في موضوع القضيّة المتيقّنة في الزمن اللاحق.
قلنا : أنّه كذلك لو كان المراد من الوحدة الوحدة العقليّة ، بينما المقصود منها الوحدة العرفيّة كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى.
هذا ـ وللمحقّق النائيني رحمهالله في المقام كلام طويل (١) عدّ فيه للاستصحاب ثلاثة أركان :
١ ـ اجتماع اليقين والشكّ.
__________________
(١) راجع فوائد الاصول : ج ٤ ، ص ٣١٦ ـ ٣١٧ ، طبع جماعة المدرّسين.