وهى العمدة في المسألة ، وأوّل من طرحها في الاصول على التفصيل هو شيخنا الأعظم الأنصاري رحمهالله :
١ ـ صحيحة زرارة ، قال : « قلت له : الرجل ينام وهو على وضوء ، أيوجب الخفقة والخفقتان عليه الوضوء؟ فقال عليهالسلام : يازرارة قد تنام العين ولا ينام القلب والاذن فإذا نامت العين والاذن والقلب وجب الوضوء ، قلت : فإن حرّك على جنبه شيء ولا يعلم به؟ قال عليهالسلام : لا ، حتّى يستيقن أنّه قد نام حتّى يجيء من ذلك أمر بيّن ، وإلاّ فإنّه على يقين من وضوئه ، ولا تنقض اليقين أبداً بالشكّ ولكنّه ينقضه بيقين آخر » (١).
ولا يخفى أنّ اضمار زرارة في الحديث لا يضرّ بصحّته ، لأنّ مثله لا يسأل الحكم الشرعي إلاّ عن الإمام عليهالسلام ، مضافاً إلى لحن الحديث والسؤال والجواب الواردان فيه حيث إنّ الإنسان يطمئنّ بأنّ مثله لا يصدر إلاّمن الإمام المعصوم عليهالسلام (٢) ، وعلى هذا فلا كلام في الرواية من ناحية السند ، إنّما البحث في دلالتها وقد وقع في تعيين جزاء كلمة « إلاّ » الواردة فيها ، والتي هى مركّبة من « إنّ » و « لا » ، أي « وإن لم يستيقن أنّه نام » ، فما هو جزاؤها؟ فنقول : فيه أربعة وجوه :
الأوّل : أن يكون الجزاء محذوفاً ، أي : « وإن لم يستيقن أنّه قد نام فلا يجب عليه الوضوء ، أو فهو باقٍ على وضوئه » ويكون قوله عليهالسلام : « فإنّه على يقين من وضوئه » تعليلاً لذلك الجزاء فيكون بمنزلة كبرى كلّية لا تختصّ بباب الوضوء.
الثاني : أن يكون قوله عليهالسلام : « فإنّه على يقين من وضوئه » بنفسه جزاءً فيكون بمنزلة جملة إنشائيّة ، بمعنى : « فليكن على وضوئه » فيختصّ بباب الوضوء لخروجه عن صيغة التعليل الذي يتعدّى عن المورد.
الثالث : أن يكون الجزاء قوله عليهالسلام : « ولا ينقض اليقين بالشكّ أبداً » ، ويكون قوله عليهالسلام : « فإنّه على يقين ... » توطئة له ، فيختصّ أيضاً بباب الوضوء.
والإنصاف أنّ الترجيح مع التفسير الأوّل ، وأنّ الأخيرين بعيدان عن ظاهر الحديث.
أمّا الأوّل منهما ( أي التفسير الثاني ) فلأنّ كون قوله عليهالسلام : « فإنّه على يقين » بمنزلة جملة
__________________
(١) وسائل الشيعة : ج ١ ، أبواب نواقض الوضوء ، الباب ١ ، ح ١.
(٢) ولعلّ من هذا الباب بدّل صاحب الفصول الضمير باسم الظاهر ، وإلاّ فمن البعيد جدّاً حصوله على منبع ذكر فيه اسم الظاهر مقام الضمير ولم يصل إلينا مع أنّه قريب العصر منّا.