التعليل الوارد فيها في العموم إلاّ أنّه مختصّ أيضاً بباب الطهارة والنجاسة ويشكل التعدّي عنه إلى غيره ، فالأولى جعلها مؤيّدة للمقصود.
٨ ـ ومنها ما رواه عبدالله بن بكير عن أبيه قال : قال لي أبو عبدالله عليهالسلام : « إذا استيقنت إنّك قد أحدثت فتوضّأ ، وإيّاك أن تحدث وضوء أبداً حتّى تستيقن أنّك قد أحدثت » (١).
وهذا أيضاً خاصّ بباب الوضوء وإن كان تعليق الحكم فيه على وصف اليقين مشعراً العلّية ، فالأولى أيضاً جعلها مؤيّدة.
قد ظهر أنّ الدالّ على الاستصحاب من بين الأدلّة إنّما هو بناء العقلاء وسيرتهم ( مع دلالته على أنّ الاستصحاب أصل لا أمارة ، وذلك لما قلنا سابقاً من أنّ للعقلاء اصولاً كما أنّ لهم أمارات ) وخمس روايات من الروايات المذكورة ، ثلاثة منها روايات زرارة ، والرابعة رواية علي بن محمّد القاساني في صوم شهر رمضان ، والخامسة رواية الخصال في من كان على يقين فشكّ ...
وأمّا الإجماع فقد مرّ أنّه مدركي في المقام ، وأمّا الإستقراء فقد عرفت أنّه إستقراء ناقص جدّاً.
لكن هيهنا سؤال وهو أنّه لو كانت دلالة هذه الأحاديث تامّة فلِمَ لم يستند إليها القدماء من الأصحاب ، وإعترف الشيخ الأعظم رحمهالله بعدم استنادهم إليها إلى زمان والد الشيخ البهائي رحمهالله؟
والجواب عنه : أنّه يمكن أن يكون عدم إستنادهم إليها لجهات عديدة :
منها : أنّهم قد ظنّوا استغناءهم عنها بسيرة العقلاء وقد مرّ أنّ هذه الروايات إمضاء لها.
__________________
(١) وسائل الشيعة : الباب ١ ، من أبواب نواقض الوضوء ، ح ٧.