فتلخّص من جميع ذلك أنّ أصل مدّعاه قدسسره ( الموافق لما ذكره النراقي ) أي التفصيل بين الشبهات الموضوعيّة والحكميّة صحيح وإن لم يتمّ دليله.
ثمّ إنّ هيهنا تفصيلاً آخر من الشيخ الأعظم قدسسره الشريف الذي نسبه إلى المحقّق رحمهالله في المعارج ( وإن كان في النسبة نظر كما سيأتي ) وهو التفصيل بين الشكّ في المقتضي فلا يكون الاستصحاب حجّة ، وبين الشكّ في الرافع فيكون حجّة ، وتحليل المسألة وإيضاح الحقّ فيها يحتاج إلى رسم امور :
١ ـ بيان الموارد من المقتضي والمانع.
٢ ـ دليل الشيخ الأعظم رحمهالله على هذا التفصيل.
٣ ـ نقد كلامه الشريف.
أمّا الأمر الأوّل فنقول : قد أوضح الشيخ رحمهالله بنفسه مقصوده من المقتضي والمانع بأوفى البيان مع ذكر المثال ، ولا ينقضي تعجّبي عن بعض الأعلام من أنّه كيف أتعب نفسه الزكيّة فذكر لتوضيح مراد الشيخ رحمهالله احتمالات عديدة هى أجنبية عن مرامه ومخالفة لما صرّح به نفسه؟
وإليك نصّ كلام الشيخ رحمهالله في مبحث تقسيم الاستصحاب باعتبار الشكّ المأخوذ فيه : « الثالث من حيث إنّ الشكّ في بقاء المستصحب قد يكون من جهة المقتضي ، والمراد به الشكّ من حيث إستعداده وقابليته في ذاته للبقاء ، كالشكّ في بقاء الليل والنهار وخيار الغبن بعد الزمان الأوّل ، وقد يكون من جهة طروّ الرافع مع القطع باستعداده للبقاء ، وهذا على أقسام ... » (١).
ثمّ ذكر الأقوال في حجّية الاستصحاب وقال : « والأقوى هو القول التاسع وهو الذي اختاره المحقّق ، فإنّ المحكيّ عنه في المعارج أنّه قال : إذا ثبت حكم في وقت ثمّ جاء وقت آخر
__________________
(١) فرائد الاصول : ص ٥٥٨ ـ ٥٥٩ ، طبع جماعة المدرّسين.