الحدّ الوسط في الاستعداد للبقاء مثلاً هو خمسون أو ستّون سنة فلا شكّ في جريان الاستصحاب بعده أيضاً ، مع أنّه من قبيل الشكّ في المقتضي.
إلى هنا تمّ الكلام عن أدلّة الاستصحاب ، والآن نشرع في بيان التنبيهات التي ذكرها الأصحاب في كلماتهم ، فنقول ومنه جلّ شأنه التوفيق والهداية :
تنبيهات الاستصحاب :
وينبغي التنبيه على امور :
وقد بحث عنها الأعلام ضمن بيان الأقوال في الاستصحاب وبمناسبة نقل ما فصّله الفاضل التوني من جريان الاستصحاب في الأحكام التكليفية دون الوضعيّة ، ولكن الصحيح المناسب أن يبحث أوّلاً عن ماهيّة تلك الأحكام حتّى يظهر حال استصحابها ، وهذا هو موضوع البحث في هذا التنبيه.
وكيف كان لابدّ قبل الورود في أصل البحث من تقديم امور :
أحدها : أنّ الأحكام الشرعيّة على قسمين : تكليفيّة ووضعيّة ، فالتكليفيّة ما يدور مدار الأحكام الخمسة ، وقسّمها القدماء من الأصحاب على قسمين : اقتضائيّة وتخييريّة ، والمراد من الاقتضائيّة ما يكون له اقتضاء للفعل أو الترك ، فيشمل الوجوب والحرمة والاستحباب والكراهة ، ومن التخييريّة ما ليس له اقتضاء ورجحان من حيث الفعل والترك ، وهى المباحات.
وأمّا الوضعيّة ، فهى كلّ مالا يكون من الأحكام الخمسة ولا تحدّد عمل المكلّف من حيث الاقتضاء والتخيير بل يمسّ أفعال المكلّفين بالواسطة ( كالحكم بأنّ « الماء طاهر » أو « الدم نجس » ) أو بدون الواسطة ( كالملكية والزوجية والضمان ) ولهذا لا يصحّ حصرها في عدد خاصّ كما فعل بعضهم.
ثانيها : في أنّ حقيقة الأحكام التكليفيّة ماذا؟