والمشهور عند من تأخّر عن الشيخ الأعظم الأنصاري رحمهالله أنّه على ثلاثة أقسام ، وذكر بعض من قارب عصرنا قسماً رابعاً فصارت الأقسام أربعة :
الأوّل : أن يكون الشكّ في بقاء الكلّي من جهة الشكّ في بقاء الفرد الذي كان الكلّي متحقّقاً في ضمنه كما إذا علم بوجود الإنسان في ضمن زيد ، ثمّ شكّ في بقاء الإنسان من جهة الشكّ في بقاء زيد ، فلا إشكال في جواز استصحاب الإنسان وترتيب أثره عليه كما جاز استصحاب شخص زيد وترتيب نفس الأثر عليه فإنّ أثر الكلّي أثر الفرد أيضاً ولا عكس ، ولذا لو ترتّب على الفرد بخصوصه أثر جاز استصحاب الفرد دون الكلّي.
والمثال الشرعي لهذا القسم ما إذا أجنب زيد وتيقّن بالجنابة وبتبعها بكلّي الحدث ثمّ شكّ في رفعها بالغسل فلا إشكال في جريان استصحاب كلّ من الجنابة والحدث ، ومقتضى الثاني هو عدم صحّة صلاته وما هو مشروط بالطهارة ، وهو بعينه مقتضى الأوّل أيضاً مضافاً إلى عدم جواز مكثه في المسجد مثلاً.
الثاني : أن يكون الشكّ في بقاء الكلّي من جهة تردّد الفرد الذي كان الكلّي متحقّقاً في ضمنه بين ما هو مرتفع قطعاً ، وما هو باقٍ جزماً ، كما إذا علم إجمالاً بوجود طائر في الدار ، ولم يعلم أنّه العصفور أو الغراب ، ثمّ مضى مقدار عمر العصفور دون الغراب ، فإن كان الطائر عصفوراً فقد مات وإن كان غراباً فهو باقٍ فيستصحب كلّي الطائر الجامع بينهما.
والمثال الشرعي لهذا القسم ما إذا علم إجمالاً بنجاسة الثوب ولم يعلم أنّها من الدم أو البول؟ فإن كانت النجاسة من الدم فقد زالت بالغسل مرّة بالماء القليل وإن كانت النجاسة من البول فهى باقية لا تزول إلاّبالمرّة الثانية ، فيستصحب كلّي النجاسة المشترك بين البول والدم.
الثالث : أن يكون الشكّ في بقاء الكلّي من جهة الشكّ في وجود فرد آخر بعد القطع بارتفاع الفرد الأوّل الذي كان الكلّي متحقّقاً في ضمنه ، وهذا على قسمين :
فتارةً يقع الشكّ في وجود فرد آخر مقارن لوجود الفرد الأوّل ، واخرى يقع الشكّ في وجود فرد آخر مقارن لارتفاع الفرد الأوّل.
كما إذا علم بوجود الإنسان في الدار في ضمن وجود زيد ، ثمّ حصل القطع بخروج زيد عنها وشكّ في وجود عمرو مقارناً لوجود زيد في الدار أو مقارناً لخروجه عنها.