الفرد ، أي استصحاب تلك الحصّه الخاصّة المتيقّنة وإن كان بعض خصوصيّاتها مبهمة ، فنقول : أنّ الطائر الذي دخل الدار في ساعة كذا بعينه موجود الآن وإن شككنا في أنّه كان غراباً أو عصفوراً لظلمة أو شبهها.
الوجه الرابع : أنّه يرد على هذا الاستصحاب ما يرد على جريان الاستصحاب في الشبهات المفهوميّة كاستصحاب بقاء النهار في ما إذا شككنا في أنّ النهار هل هو ما ينتهي إلى سقوط قرص الشمس أو يبقى إلى زوال الحمرة ( فإنّ الاستصحاب فيه غير جارٍ لعدم الشكّ في أمر خارجي فإنّ سقوط القرص معلوم وعدم زوال الحمرة أيضاً معلوم ، فالأمر دائر بين المعلومين ، وإنّما الشكّ في إنطباق مفهوم النهار على أحدهما ) فإنّ الأمر في المقام أيضاً دائر بين المعلومين ، لأنّ الحيوان الخارجي إذا كان غراباً فهو باقٍ قطعاً ، وإذا كان عصفوراً فهو معدوم قطعاً ، وإنّما الشكّ في إنطباق عنوان الغراب أو العصفور عليه.
والجواب عنه واضح : لأنّ قياس المقام على الشبهة المفهومية مع الفارق ، فإنّ الشكّ في الشبهة المفهوميّة إنّما هو في المعنى اللغوي ، أو العرفي ولا يسري إلى الخارج أصلاً ، بخلاف ما نحن فيه فإنّ الشكّ فيه في بقاء عمر الطائر خارجاً ، أي بقاء نفس ذلك الحيوان المتيقّن وجوده في الخارج سابقاً.
ثمّ إنّ هيهنا شبهة سمّيت بالشبهة العبائيّة ، وهى في الواقع إشكال خامس على جريان الاستصحاب في القسم الثاني من استصحاب الكلّي ، ومنسوبة إلى المحقّق السيّد إسماعيل الصدر رحمهالله وحاصلها : أنّه لو علمنا بإصابة النجاسة أحد طرفي العباءة من الأيمن والأيسر ثمّ طهّرنا الطرف الأيمن فطهارته تورث الشكّ في بقاء النجاسة في العباءة ، لاحتمال أن تكون النجاسة المعلومة قد أصابت الطرف الأيسر فيجري فيه استصحاب بقاء النجاسة ، فإذا لاقت اليد مثلاً الطرف الأيسر كانت محكومة بالطهارة ( لأنّ ملاقي بعض الأطراف في الشبهة المحصورة طاهر ) أمّا إذا لاقت بعد ذلك الطرف الأيمن وجب الحكم بنجاستها مع أنّ الأيمن طاهر على المفروض ، وذلك لأنّ النجاسة في العباءة باقية بحكم الاستصحاب وليست خارجة