نعم أنّه فرع وجود الاطلاق للآية وكونها في مقام البيان من هذه الجهة ، مضافاً إلى أنّه يمكن أن يقال بعدم الحاجة إلى هذا الاستصحاب أيضاً ، لإمكان استفادة ذلك من نفس الآية الثانية بقرينة ما ورد فيما قبلها وهو قوله تعالى : ( إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدىً وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ ... ) (١) فإن ظاهرها ـ على الأقل ـ هو الإمضاء لهذا الحكم الذي انزل في التوراة.
٧ ـ ما يستفاد من قصّة موسى وشعيب في قوله تعالى : ( قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَىَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَةَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِنْدِكَ ) (٢) أوّلاً من جواز الترديد في الزوجة حين إجراء عقد النكاح حيث قال : ( إِحْدَى ابْنَتَىَّ هَاتَيْنِ ) وثانياً من جواز الترديد في المهر أيضاً لقوله تعالى : ( فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِنْدِكَ ) وثاثاً من جواز إعطاء المهر بأب الزوجة لقوله تعالى ( تَأْجُرَنِي ) فكان المهر عبارة عن عمل موسى لشعيب ، ورابعاً من جواز وقوع عمل الحرّ مهراً في النكاح.
ولكن يرد على الأوّل والثاني بأنّهما مبنيّان على صدور هذا القول من شعيب في مجلس إجراء الصيغة لا مجلس المقاولة للنكاح ومقدار المهر ، وأنّى لنا بإثبات ذلك.
وعلى الثالث بأنّ الإنتفاع باستيجار موسى عليهالسلام كان لجميع أهل البيت ولم يكن حياتهم إلاّ على المشاركة القريبة جدّاً فكان استيجار أبيها كاستيجارها بنفسها.
وعلى الرابع بأنّه لا حاجة إلى هذا الاستصحاب بعد وضوح المسألة في شريعتنا ، فإنّه لا شكّ في الجواز.
وتحقيق حالها فيها يطلب البحث في مقامات أربع :
١ ـ في المراد من الأصل المثبت.
٢ ـ في أنّه لماذا ليس بحجّة.
٣ ـ في ما استثنى من الأصل المثبت.
__________________
(١) سورة المائدة : الآية ٤٤.
(٢) سورة القصص : الآية ٢٧.