ومنها : ما إذا كان زيد جالساً في حجرته وشككنا في خروجه منها وعدمه ، فإذا فرض إحراق الحجرة فلا يثبت إحتراق زيد بإستصحاب بقائه إلى حين الإحتراق حتّى يترتّب عليه أثر القصاص.
ومنها : ما إذا كان الإناء مملوّاً من اللبن وشككنا في إنتقاله منه إلى إناء آخر ، ثمّ كسره إنسان في ظلمة الليل مثلاً بحيث لو كان اللبن باقياً فقد أتلفه ، فلا يثبت إتلاف اللبن باستصحاب بقاء اللبن حين الإنكسار حتّى يترتّب عليه أثره الشرعي وهو الضمان.
وقد استثنى من عدم حجّية الأصل المثبت وانصراف الأدلّة عنه موارد خاصّة معدودة :
أحدها : ما إذا كانت الواسطة خفيّة ، كما إذا استصحب رطوبة النجس من المتلاقيين مع جفاف الآخر فيحكم بنجاسة الملاقي الجافّ ، مع أنّ تنجّسه ليس من أحكام ملاقاته للنجس رطباً ، بل من أحكام سراية رطوبة النجاسة إليه وتأثّره بها ، والسراية من الآثار العقليّة للملاقاة بالنجس رطباً ، ولكنّها لا اعتبار بها لخفائها.
وأظهر منه ما مرّ سابقاً ممّا ورد في نفس أدلّة الاستصحاب من استصحاب الطهارة للصلاة ، مع أنّ صحّة الصّلاة أثر لتقيّدها بالوضوء لا نفس الوضوء ، والتقيّد بالوضوء من الآثار العقليّة لبقاء الوضوء ، وهكذا في سائر الشرائط ، لأنّ الجزء فيها إنّما هو التقيّد ، وأمّا القيد فهو خارج ، ولكن الإمام عليهالسلام حكم بحجّية الاستصحاب ، وليس ذلك إلاّلمكان خفاء الواسطة.
ونظيره أيضاً استصحاب بقاء شهر رمضان وترتيب أثر صحّة الصيام عليه ، مع أنّ الصحّة من آثار وقوع الصيام في شهر رمضان ، ولكنّه لا بأس به أيضاً لخفاء الواسطة.
ثانيها : ما إذا كانت الواسطة جليّة جدّاً بحيث يرى العرف ملازمة بين تنزيل المستصحب وتنزيلها ، فإذا نزّل المستصحب منزلة المتيّقّن السابق نزّلت الواسطة تبعاً كذلك ، فيجب ترتيب أثرها الشرعي قهراً.
وإن شئت قلت : إنّ شدّة وضوح الواسطة وجلائها توجب عدّ أثر الواسطة أثراً لذي