استصحاب عدم التكليف الذي مرّ ذكره آنفاً ، وهذا من القضايا التي قياساتها معها ، فإنّ الأثر العقلي إذا كان أثراً للحكم الظاهري والواقعي معاً ، والمفروض ثبوت موضوعه وهو الحكم الظاهري هنا ، فيترتّب عليه بلا إشكال.
ثمّ إنّ هيهنا فروعاً فقهيّة تذكر عادةً في ذيل الأصل المثبت ، ولكنّا تركنا البحث عنها إلى محلّها في الفقه.
لا إشكال ولا كلام في أنّه لا بدّ أن يكون المستصحب حكماً شرعياً أو موضوعاً ذا حكم شرعي كما أشرنا إليه سابقاً ، لأنّه إن لم يكن كذلك كان التعبّد به من الشارع لغواً فلا معنى للحكم باستصحاب بقاء تلك القطعة من الحجر مثلاً المطروحة في أرض كذا أو ذلك الحيوان الموجود في الأجمّة.
هذا ـ ولكنّه لا يخفى أنّه يكفي كون المستصحب كذلك ولو بقاءً ولا يعتبر كونه حكماً شرعياً أو ذا حكم شرعي عند الحدوث فلو كانت اليد نجسةً قبل الظهر مثلاً ولم يكن لهذه النجاسة أثر شرعي لعدم وجوب الصّلاة مثلاً في ذلك الوقت ولا شيء آخر ممّا يعتبر فيه الطهارة ثمّ شككنا بعد الظهر في طهارتها كان استصحاب النجاسة جارياً بلا ريب لكونه موضوعاً ذا أثر شرعي في هذا الوقت وهو عدم جواز الصّلاة بها.
والوجه في ذلك أنّ الاستصحاب تعبّد من جانب الشارع في الآن اللاحق ، فيكفي وجود الأثر في هذا الآن ، فيشمله اطلاق « لا تنقض » ، لصدق نقض اليقين بالشكّ على رفع اليد عمّا تيقّن به مطلقاً ولو كان حكماً أو موضوعاً ذا حكم بقاء لا حدوثاً.
ولذلك نقول بحجّية استصحاب العدم الأزلي في الشبهات الحكميّة فيما إذا كان الشكّ في أصل جعل حكم من جانب الشارع وعدمه ، مع أنّه لم يكن للمستصحب ( وهو عدم الحكم الفلاني ) أثراً في الأزل.
إن قلت : العدم الأزلي لا يتصور في الأحكام ، لإمكان وجودها في علم الله على نهج