لا إشكال في جريان الاستصحاب فيما إذا شكّ في أصل حدوث الحادث ، حكماً كان أو موضوعاً ، وأمّا إذا شكّ في تقدّمه وتأخّره بعد العلم بتحقّق أصله كما إذا علمنا بموت زيد ولا نعلم هل هو مات يوم الخميس أو يوم الجمعة؟ وفرضنا ترتّب أثر شرعي على موته في يوم الجمعة أو يوم الخميس بنذر وشبهه فهل يجري استصحاب عدم موته إلى يوم الجمعة ، أي عدم تقدّمه على يوم الجمعة ، أو عدم تأخّره عن يوم الخميس ، أو لا؟
وقع الكلام في مقامين :
المقام الأوّل : فيما إذا لوحظ تقدّمه وتأخّره بالنسبة إلى أجزاء الزمان كما في المثال المذكور.
المقام الثاني : فيما إذا لوحظ تقدّمه وتأخّره بالنسبة إلى حادث آخر قد علم بحدوثه أيضاً ، كما إذا علم بموت متوارثين على التعاقب ولم يعرف المتقدّم منهما على المتأخّر ، أو علم بحصول ملاقاة اليد المتنجّسة بالماء وحصول الكرّية على التعاقب ولم يعلم المتقدّم منهما ، أو علم بموت الأب المسلم وإسلام الولد الكافر ولم يعرف المتقدّم منهما أيضاً.
أمّا المقام الأوّل : فلا شكّ في جريان استصحاب عدم تحقّق الحادث في الزمان الأوّل وترتيب آثار عدمه فقط ، وأمّا آثار تأخّره عن الزمان الأوّل وآثار حدوثه في الزمان الثاني ( يوم الجمعة في المثال ) فلا ، لكونه مثبتاً بالنسبة إلى عنوان التأخّر والحدوث ، فلابدّ في التخلّص عنه إمّا دعوى خفاء الواسطة ، أو دعوى أنّه من باب المتضايفين ، أو دعوى أنّ الحدوث أمر مركّب من عدم الحادث في زمان ووجوده في زمان بعده ، والقيد الثاني حاصل بالوجدان لأنّ المفروض حصول الموت في الحال ( أي يوم الجمعة في المثال ) والقيد الأوّل ثابت بالأصل ، فحدوث الموت يوم الجمعة يثبت بضميمة أصل إلى وجدان.
ولكن الإنصاف أنّ كلاً من هذه الدعاوي في غير محلّه ، أمّا الاولى فواضحة كالثانية ، وأمّا الثالثة فلأنّ الحدوث أمر بسيط ينتزع من الوجود في زمان وعدم الوجود في زمان آخر ، نظير الفوقية التي تنتزع من كون هذا في هذا المكان وذاك في ذاك المكان لا إنّه أمر مركّب حتّى يمكن إثبات أحد جزئيه بالوجدان والآخر بالأصل.
أمّا المقام الثاني : فالبحث فيه بنفسه يقع في موضعين :
الموضع الأوّل : ما إذا كان كلّ من الحادثين مجهول التاريخ.