استعملت في المعنى الأعمّ كقوله تعالى : ( فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ ) (١) حيث إنّ المراد منه « إن كنت لا تعلم » كما لا يخفى ، وقوله تعالى : ( قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ ) (٢) من الواضح أنّه أيضاً أعمّ.
ومنها : الإجماع : فإنّ جميع القائلين بحجّية الاستصحاب اتّفقوا على أنّ المراد من الشكّ في أخبار الاستصحاب إنّما هو المعنى الأعمّ.
لكن فيه أوّلاً : أنّه لا أقلّ من كونه محتمل المدرك ، وثانياً : أنّه من قبيل الإجماع المركّب حيث إنّه في الواقع يرجع إلى أنّ الفقهاء بين قائل بعدم حجّية الاستصحاب وقائل بحجّيته في المعنى الأعم ، ولا دليل على حجّية الإجماع المركّب.
ومنها : أنّ الظنّ غير المعتبر لا يخلو من وجهين : أمّا الظنّ القياسي الذي قام الدليل على عدم حجّيته وبطلانه فلا يعتنى به في جريان الاستحباب ، أو الظّن غير القياسي الذي يكون مشكوك الحجّية فهو ينتهي إلى الشكّ فلا يمكن نقض اليقين به.
ولكنّه أيضاً غير تامّ بكلا شقّيه ، أمّا بالنسبة إلى شقّه الأوّل ( أي الظنّ القياسي ) فلأنّ أدلّة بطلان القياس ليست ناظرة إلى أدلّة الاستصحاب أصلاً ، بل إنّ مفادها أنّ الظنّ لا يكون كاشفاً عن الواقع ، وأمّا بالنسبة إلى شقّه الثاني فكذلك ، لأنّ المراد من عدم الحجّية عدم الكشف عن الواقع.
وهو ممّا ذكر في كلمات الأصحاب بعنوان الخاتمة ، مع أنّه لا فرق بينه وبين سائر الامور التي ذكرت تحت عنوان التنبيهات ، ولذا ألحقناه بها ، وكذا ما يليه من الامور المذكورة في الخاتمة.
وكيف كان ، فقد ذهب أكثر المحقّقين إلى أنّ جريان الاستصحاب فرع لبقاء موضوع المستصحب وإحرازه في الزمان اللاحق ، ثمّ تكلّموا بعد ذلك عن أنّه هل اللازم كون ذلك
__________________
(١) سورة يونس : الآية ٩٤.
(٢) سورة إبراهيم : الآية ١٠.