على نحو لو ارتفع الشكّ في السبب ارتفع الشكّ في المسبّب ، أي يكونان من قبيل أصلي السببي والمسبّبي ، كما إذا شككنا في بقاء نجاسة الثوب المغسول بماء شكّ في بقاء طهارته.
واخرى يكونان عرضيين كالمثال المذكور آنفاً ( استصحاب طهارة الإنائين مع العلم الإجمالي بنجاسة أحدهما بملاقاته للنجس أو العكس ).
أمّا القسم الأوّل فلابدّ من التكلّم فيه أوّلاً : في ميزان كون أحد الأصلين سببيّاً والآخر مسبّبياً ، وثانياً : في وجه تقديم الأصل السببي على المسبّبي.
أمّا المقام الأوّل فالصحيح ما اشير إليه آنفاً من أنّ المعيار كون الشكّ في أحدهما مسبّباً عن الشكّ في الآخر ، وإن شئت قلت : كون أحدهما من الآثار الشرعيّة للآخر ففي المثال المزبور تكون طهارة الثوب المغسول من الآثار الشرعيّة لطهارة الماء بخلاف العكس ، فليست نجاسة الماء من الآثار الشرعيّة لنجاسة الثوب المغسول بل إنّها من لوازمها العقليّة كما لا يخفى.
والمحقّق النائيني رحمهالله ذكر لحكومة كلّ أصل سببي على كلّ أصل مسبّبي شرطين : أحدهما : أن يكون الترتّب بينهما شرعياً لا عقلياً ، بأن يكون أحدهما من الآثار الشرعيّة للآخر ، فالشكّ في بقاء الكلّي لأجل الشكّ في حدوث الفرد الباقي خارج عن محلّ الكلام ، لأنّ بقاء الكلّي ببقاء الفرد عقلي.
ثانيهما : أن يكون الأصل السببي رافعاً للشكّ المسبّبي ، فالشكّ في جواز الصّلاة في الثوب لأجل الشكّ في اتّخاذه من الحيوان المحلّل خارج عن محلّ الكلام ، فإنّ أصالة الحلّ في الحيوان وإن كانت تجري ، إلاّ أنّها لا تقتضي جواز الصّلاة في الثوب ، لأنّ أصالة الحلّ لا تثبت كون الثوب متّخذاً من الأنواع المحلّلة (١) ( فإنّ جواز الصّلاة مترتّب على كون الثوب متّخذاً من عناوين خاصّة كعنوان الغنم والشاة والإبل ونحوها من سائر الحيوانات المحلّلة ).
أقول : إذا عرّفنا الأصل السببي والمسبّبي بكون الشكّ في أحدهما مسبّباً عن الشكّ في الآخر شرعاً فلا حاجة إلى ذكر هذين الشرطين مستقلاً لأنّهما مفهومان من نفس التعريف ولا زمان له ، أمّا الشرط الأوّل فلأنّه يفهم من قيد « شرعاً » الوارد في ذيل التعريف ، وأمّا الشرط الثاني فلأنّه أيضاً من لوازم التسبّب الشرعي التعبّدي الموجود في التعريف ، لأنّه إذا
__________________
(١) فوائد الاصول : ج ٤ ، ص ٦٨٢ ، طبعة جماعة المدرّسين.