تتبّعناه من الروايات ، بل الوارد في ما رواه الصدوق في الفقيه والشيخ في التهذيب عن محمّد بن حكيم عن أبي الحسن موسى عليهالسلام : « كلّ مجهول ففيه القرعة » (١) ولذلك لابدّ من البحث في أنّ المراد من المجهول هل هو المجهول واقعاً : أو واقعاً وظاهراً؟ فإن كان المراد هو الثاني فلازمه أنّ القرعة أمارة حيث لا أمارة ولا أصل ، وإن كان المراد هو الأوّل فيقع التعارض بينه وبين سائر الاصول والأمارات ، وقد مرّ أنّ الصحيح هو الثاني فلا نعيد.
إن قلت : أنّ رواية محمّد بن حكيم ( كلّ مجهول ففيه القرعة ) غير وافٍ لإثبات هذه المسألة المهمّة.
قلنا : الدليل على كون القرعة للأمر المجهول المطلق ليس منحصراً في هذه الرواية بل قد عرفت أنّ بناء العقلاء الذي أمضاه الشارع ( مع توسعة قد عرفتها ) أيضاً على الرجوع إلى القرعة في خصوص هذه الموارد.
أضف إلى ذلك ما يستفاد من الروايات الخاصّة الكثيرة الواردة في موارد مختلفة ، فإنّ جميعها وردت فيما هو مجهول مطلقاً لا أمارة فيها ولا أصل ، ويمكن اصطياد العموم منها فيكون دليلاً برأسه في هذه المسألة المهمّة.
ممّا يترتّب على كون المراد من المجهول هو المجهول المطلق عدم لزوم تخصيص في أدلّة القرعة فضلاً عن كونها موهونة بكثرته كما أشرنا إليه سابقاً.
إلى هنا قد ظهر أوّلاً : وجه تقديم الاستصحاب على القرعة ووروده عليها ، وثانياً : عدم تخصيصها بمورد فضلاً عن كونها موهونة بكثرة التخصيص ، وثالثاً : إنّها أمارة حيث لا أمارة ولا أصل فيما كان له واقع مجهول.
تمّ الكلام عن مبحث الاستصحاب ، وبه تمّ الكلام عن المقصد السابع من مباحث الاصول.
والحمد لله ربّ العالمين.
__________________
(١) القواعد الفقهيّة : المجلّد الأوّل ، ص ٣٣٠ ، الطبعة الثانية.