ناظر إلى الدليل بما هو دليل وفي مقام الإثبات ، ولا ربط للتعارض بمقام الثبوت لأنّه لا يصحّ للمولى الحكيم إنشاء حكمين متضادّين أو متناقضين في الواقع.
ثانياً : التعبير بالتضادّ لا يناسب الامور الاعتباريّة فإنّه إنّما يتصوّر في الامور التكوينيّة لأنّ الاعتبار سهل المؤونة ، فيمكن في عالم الاعتبار أن يعتبر وجوب شيء مع اعتبار حرمته ، نعم أنّه لا يصدر من المولى الحكيم لكونه لغواً وقبيحاً.
وبعبارة اخرى : التضادّ فيها مستحيل بالغير لا بالذات ، ولذلك نعبّر عنه بشبه التضادّ.
وثالثاً : التضادّ بالعرض في مثل وجوب صلاة الجمعة بالنسبة إلى وجوب صلاة الظهر يوم الجمعة يرجع إلى التضادّ الحقيقي لأنّ التضادّ فيه حقيقة يكون بين ثلاث أدلّة ( لا دليلين ) وإن كان إثنان منها في جانب ( وهما الدليلان المذكوران في المثال ) ودليل واحد في جانب آخر ، وهو الإجماع أو الضرورة الدالّة على عدم جواز الجمع بينهما ، فإنّ مدلولهما الالتزامي جواز الجمع ، ومدلول الإجماع أو الضرورة عدم جواز الجمع ، فيتضادّان.
فالأولى في تعريف التعارض أن يقال : التعارض هو تنافي الدليلين أو الأدلّة بحيث لا يمكن الجمع بينهما ، فعلى هذا يخرج منه موارد التخصيص والتخصّص والورود والحكومة وجميع موارد الجمع العرفي.
إعلم أنّ التخصص عبارة عن خروج شيء عن موضوع حكم آخر تكويناً كخروج زيد الجاهل عن قولك « أكرم العلماء » وكخروج العلم الوجداني عن أدلّة الاصول العمليّة.
والتخصيص عبارة عن خروج شيء عن حكم دليل آخر مع حفظ موضوعه كخروج زيد العالم عن قولك « أكرم العلماء ».
وأمّا الورود فهو عبارة عن خروج شيء عن موضوع حكم آخر حقيقة ولكن بعد ورود دليل شرعي ، نظير خروج غسل الجمعة فيما إذا دلّ على وجوبه خبر الثقة ، عن موضوع قبح العقاب بلا بيان ، فإنّه خرج عن موضوع اللاّبيان حقيقة ولكن بالتعبّد الشرعي.
والحكومة عبارة عن أن يكون دليل ناظراً إلى دليل آخر ومفسّراً له وموجباً للخروج