ومعاهدة ، فكما أنّ قوله تعالى : ( أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) يشمل البيع بالعنوان الأوّلي يشمل أيضاً الشروط التي في ضمنه كذلك.
وأمّا ما ذكره صاحب الكفاية من أنّه من باب التوفيق العرفي فإن كان مراده أنّ الجمع بينهما على وزان الجمع بين العام والخاصّ والظاهر والأظهر ، فهذا أمر لا يمكن المساعدة عليه ، لما عرفت من كون أحدهما حاكماً على الآخر ، وإن كان المراد ما يشمل الحكومة ( وإن كان خلاف مصطلح القوم ) فلا مانع منه ، ولكنّه لا يوافق ظاهر كلامه.
إذا كان أحد الدليلين أظهر من الآخر أو كان أحدهما نصّاً والآخر ظاهراً فلا إشكال في أنّ العرف يوفّق بينهما بتقديم الأظهر على الظاهر ( إذا كان الأظهر قرينة على التصرّف في الظاهر ) والنصّ على الظاهر ، فهما ليسا متعارضين عندهم إلاّفي النظر البدوي.
وهذا ممّا لا إشكال فيه كبروياً ، إنّما الإشكال فيما مثّلوا له بالعام والخاصّ والمطلق والمقيّد ، أمّا المطلق والمقيّد فلأنّه إذا فهمنا الاطلاق من مقدّمات الحكمة ( لا من اللفظ ) كما هو مذهب المحقّقين من المتأخّرين ، فمن المقدّمات عدم البيان في مقام البيان ، ولا ريب أنّه بعد ورود المقيّد يتبدّل إلى البيان فيكون وارداً على المطلق.
وأمّا العام والخاصّ فلما مرّ في مبحث العام والخاصّ ( إذا كان منفصلاً كما هو موضوع البحث في المقام ) من أنّهما من قبيل المتعارضين المتضادّين عند العرف سواء صدر العام على نهج الجملة الخبريّة أو الجملة الإنشائيّة ، فإذا قال الولي لعبده : « بع جميع أفراد الغنم » ثمّ قال غداً : « لا تبع هذه وهذه » يحمله العرف على التناقض والتضادّ أو على الغفلة أو الندم والبداء ، وكذلك إذا سأل المشتري من البائع « هل يوجد عندك شيء من ذلك الثوب؟ » وقال البائع : « بعتها كلّها » ثمّ قال في ساعة اخرى : « بعتها إلاّهذا المقدار » فلا إشكال في تكذيب المشتري إيّاه ، وهكذا في المراسلات وفي المحاكم عند سؤال القاضي عن المتّهم فلو أجاب بالعام في مجلس والخاصّ في مجلس الآخر أو في مجلس واحد مع عدم اتّصال الخاصّ بالعام ، لعُدّ كلامه متناقضاً ، كما لا يخفى على من راجع العرف وصرف النظر عمّا إنغرس في الأذهان من كلام الاصوليين.