يوم السبت ، فلا إشكال في سقوط كليهما عن الحجّية عند العرف حتّى في مدلولهما الالتزامي ، وهو عدم قدوم زيد يوم الأحد ، ولذا يبقى عندهم احتمال قدومه يوم الأحد ، وهكذا إذا قامت بيّنة على أنّ هذه الدار لزيد وقامت بيّنة اخرى على كونها لعمرو ، فبعد تساقطهما لا يبقى مجال لنفي احتمال كونها لشخص ثالث.
وثالثاً : أنّه مخالف لما يستفاد من مقبولة عمر بن حنظلة التي تدلّ على لزوم الأخذ بأحوط الاحتمالات فيما إذا تعارض الخبران لا بأحوطهما فإنّ لازمها عدم نفي الثالث ، أي سقوط دلالتهما الالتزاميّة على نفي الثالث ، ولكن سيأتي الحديث عنها والنقاش في دلالتها فانتظر.
فظهر ممّا ذكرنا أنّ الصحيح في المسألة هو القول الثاني ، وهو عدم نفي الثالث ، كما قد ظهرت الثمرة المترتّبة على هذا البحث ، حيث إنّه بناءً على نفي الثالث لا يمكن الرجوع إلى الإطلاقات والاصول العمليّة بعد سقوط الخبرين ، ففي مثال دوران الأمر بين العشرين والواحد في نصاب المعدن لابدّ من الجمع بين الخبرين والأخذ بأقلّ النصابين لانتفاء احتمال ثالث في البين ( وهو عدم اعتبار النصاب رأساً ووجوب الخمس حتّى في الأقل من دينار ) مع أنّه بناءً على القول الثاني وهو عدم نفي الثالث يمكن الرجوع إليها ، وهى في المثال أصالة إطلاقات وجوب الخمس في المعدن ، وهى تقتضي وجوب الخمس حتّى في الأقل من دينار ، أي تقتضي عدم اعتبار النصاب رأساً.
هذا كلّه في الفصل الأوّل ، وهو مقتضى الأصل الأوّلي في المتعارضين.
الفصل الثاني : في مقتضى الأصل الثانوي في المتعارضين
لا شكّ في انتقاض الأصل الأوّلي ( أصالة التساقط في الدليلين المتعارضين ) في الأخبار المتعارضة ، فقد قام الدليل فيها على عدم سقوط كليهما عن الحجّية ، والكلام فيه يقع في مقامين :
١ ـ في أخبار التعادل وحكم الخبرين المتعارضين بعد التعادل والتكافؤ.
٢ ـ في أخبار التراجيح ولزوم أعمال المرجّحات قبل أن تصل النوبة إلى التعادل والتكافؤ.