وذلك بدعوى أنّه لو لم يجب ترجيح ذي المزيّة لزم ترجيح المرجوح على الراجح وهو قبيح عقلاً بل ممتنع قطعاً.
واجيب عنه أو يمكن أن يجاب عنه أوّلاً : بإشكال صغروي ، وهو إنّا نقبل وجوب ترجيح ذي المزية كبرويّاً ولكن فيما إذا كانت المزية موجبة لتأكّد ملاك الحجّية بنظر الشارع لا مطلقاً ، إذ من الممكن أن تكون المزية بالنسبة إلى ملاك الحجّية هى كالحجر في جنب الإنسان ، ومعه لا يكاد يجب الترجيح ، بل الترجيح بها ترجيح بلا مرجّح ، وهو قبيح عقلاً كترجيح المرجوح على الراجح عيناً.
وثانياً : سلّمنا إيجاب المزيّة تأكّداً في ملاك الحجّية ، ولكنّه فيما إذا أُوجبت التأكّد على حدّ الإلزام لا على حدّ الاستحباب ، وبعبارة اخرى : إنّا لا نقبل قبح ترجيح المرجوح على الراجح مطلقاً ، ولا يخفى أنّ هذا إشكال في كلّية الكبرى.
وثالثاً : بما أورده المحقّق الخراساني رحمهالله على إضراب المستدلّ من الحكم بالقبح إلى الامتناع ، وحاصله : أنّ ترجيح المرجوح على الراجح في الأفعال الاختياريّة كاختيار أحد الكأسين لشرب الماء مثلاً مع كونه دون صاحبه في المزايا والجهات المحسنة بلا داع عقلائي هو أمر قبيح عقلاً وليس بممتنع أبداً ، وذلك لجواز وقوعه من غير الحكيم خارجاً بلا إستحالة له أصلاً ، فإنّ الممتنع هو تحقّق الشيء بلا علّة وسبب ، وليس ترجيح المرجوح كذلك ، إذ يكفي إرادة الفاعل المختار علّة له وسبباً ، نعم يستحيل وقوع ذلك من الحكيم تعالى بالعرض بعد فرض كونه حكيماً لا يرتكب القبيح أبداً.
أقول : إنّ كلامه رحمهالله هنا أقوى شاهد على بطلان ما ينسب إليه في مبحث الطلب والإرادة ومبحث التجرّي من الميل إلى إعتقاد الجبر ، فتدبّر.
بقي هنا امور :
( وهى الشهرة وموافقة الكتاب ومخالفة العامّة كما مرّ ) أو يتعدّى منها إلى غيرها